الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
اذا أردنا تقييم أي عمل فإننا بحاجة أولا إلى وضع معايير التقييم وإلا فإن التقييم لن يتعدى كونه وجهة نظر لا تقنع أحدا وعرضة للجدل والاعتراض. في أداء الشركات على سبيل المثال لا يمكن التقييم فقط بالنظر إلى النتائج المالية والأرباح فقط. استثماريا يتم تقييم أداء الشركة بالمقارنة مع أداء نقس الشركة في فترات سابقة وأيضا بمقارنتها مع أداء شركات أخرى تقوم بالنشاط نفسه بالإضافة إلى القياس مقارنة بالتوقعات الموضوعة مسبقا. قد تحقق شركة معينة أرباحا ولكن بالمقارنات نجدها أقل من أرباح الفترات السابقة وبعيدة عن أداء الشركات المشابهة ولم تصل لمستوى التوقعات. بذلك يكون الاستنتاج أن الأداء لم يكن جيدا حتى مع تحقيق الأرباح والفاصل في الاستنتاج هو معيار المقارنة.
في أداء الموظفين أيضا معيار التقييم هو الأهم. تعودنا في منطقتنا أن تخضع التقييمات للاّراء الشخصية بدون وجود معايير قياس. ذلك ما جعل النتائج النهائية تخضع دائما للأمزجة والعلاقات عدا عن منحها فرصة للموظف ذو الأداء السيء فرصا كثيرة للجدال وعدم القبول بأي تقييم غير جيد. الأسوأ من ذلك هو الاستغناء في معظم الأحيان عن ربط التقييم والأداء بالعوائد والمكافاّت. لدينا على سبيل المثال أسلوب متبع في زيادات الرواتب يسمى “العلاوة الدورية” بمعنى أن يتم زيادة راتب الموظف بمرور الوقت بغض النظر عن أدائه، كما أن الموظف في هذه الحالة أصبح يعتبر تلك الزيادة حقا مكتسبا غير قابل للنقاش. هذا النوع من المكافاّت خطير جدا لأنه بطريقة ما يرسخ في ذهن الموظف أن المطلوب منه هو مرور الوقت وليس الإنتاجية لأننا لم نحدد له معيارا للإنتاجية المطلوبة.
لنأخذ مثالا عن موظف في قسم خدمة العملاء حصل على تقييم سيء في نهاية السنة وكانت الأسباب أنه لا يتابع الحالات التي تصله بشكل كاف ويتأخر في إيصال الردود إلى العملاء. يعترض الموظف ويعتبر أنه يستحق تقييما جيدا لأنه يحضر إلى الدوام يوميا في الوقت المحدد ولا يتغيب عن العمل ومكتبه مرتب ومنظم دائما كما أن علاقته بزملائه جيدة. غياب المعايير الواضحة في هذه الحالة جعل الموظف يعتبر أساسيات العمل المطلوبة منه إنجازا. يريد أن يجادل أنه أنجز لأنه يحضر في الوقت المحدد. جدل من هذا النوع لا يصل إلى أي مكان ودليل ثغرات إدارية أدت إلى ضعف الإنتاجية لدى الموظف.
كل أنواع الوظائف يمكن وضع معايير قياس لها. أداء الموظف ينتج عملا وأي عمل في النهاية يمكن قياسه بمعايير مختصة به بخلاف ما يعتقد الكثير. اطلعت مرة على معايير لقياس أداء موظف الجوازات في أحد المطارات. يتم قياس أداء الموظف بقياس الوقت الذي يستغرقه إنجاز المعاملات وهناك معدل متوقع منه أن لا يتخطاه. المعدل تم وضعه بناء لدراسات عن نوع وعدد المسافرين ويتم مراجعته دوريا لتعديله اذا اقتضى الأمر. يعرف هذا الموظف مثلا أنه اذا التهى بهاتفه أو بالحديث مع زميله أمام المسافرين فإن ذلك سينعكس على معدل الوقت الخاص به واذا تخطاه سيؤثر على تقييمه.
في حالات الخلاف بين الإدارة والموظف فإن أي طرف ثالث يميل للتعاطف مع الموظف لأننا تعودنا أن نفترض عدم الحياد بسبب السلطة الإدارية. والتعاطف عادة لا يكون علميا ولا عمليا بل نوع من نصرة الضعيف ضد القوي والسبب دائما غياب معايير قياس الأداء. كثيرا ما نسمع مثلا من يعتقد أن المدير الفلاني غير منصف ومتشدد ونادرا ما نسمع من يتفق بأن موظفا ما قليل الإنتاجية. معضلة كبيرة نعاني منها بخصوص النظرة إلى المدير أو المسؤول بشكل عام أنه يلقي باللوم على الموظف لتبرير فشل إدارته بدون النظر إلى أداء الموظف فعليا.
في أي منشأة تريد أن تتطور أو تعيد هيكلتها، لا يمكن تحسين الأداء العام بدون وضع معايير قياس للأداء بشكل واضح وشفاف ومن ثم ربط الأداء بالمكافاّت والعوائد. اذا كانت المنشأة تعاني من تراجع أداءها العام فلا يمكن أن يكون كل موظفيها من أصحاب الأداء العالي والإنتاجية المرتفعة. العواطف شيء اّخر لكن الأداء هو الذي يصنع الفرق في النهاية. بداية تحسين الأداء هو بقياس الإنتاجية ولا شيء اخر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال