الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعلم أن العنوان سيغضب الكثيرين ممن يسمون رواد أعمال والداعمين لهم وحاضنات الأعمال والمخططين الذين يرون في ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة الركيزة الأساسية لرؤية السعودية 2030 ، وربما يرون في مقالي هذا مناقضة لمقالات سابقة خصوصا مقال الأسبوع الماضي الذي تحدثت فيه عن منهج ريادة الأعمال والأعمال الصغيرة في الثانوية العامة . قبل ثورة الغضب دعونا نتفق على تعريف ريادة الأعمال ورائد الأعمال بعد ذلك ننظر هل أنا محق القول بأن ريادة الأعمال عندنا كذبة كبرى أم لا .
عرف شومبيتر (1950) رائد الأعمال بأنه هو ذلك الشخص الذي لديه الإرادة والقدرة لتحويل فكرة جديدة أو أختراع جديد إلى ابتكار ناجح . وتعرف ريادة الأعمال أنها عمل جديد يتصف بالإبداع والمخاطرة . وجميع التعريفات لريادة الأعمال ورائد الأعمال تركز على (الإبداع) كأهم عنصر ، ولأن العمل جديد ومبدع فإن المخاطرة في عمل رائد الأعمال كبيرة جدا .
نعود الأن لما يسمى عندنا ريادة أعمال ورواد أعمال هل من بينهم من لديه فكرته الإبداعية غير المسبوقة والتي يتصف تنفيذها بالمخاطرة ؟ أشك في ذلك كثيرا ، وقد حاولت نفي هذا الإعتقاد عندي بكثرة البحث في الشبكة عن المشاريع والبرامج والمواقع التي تروج لرواد الأعمال لعلي أجد مشروعا واحدا يحمل صفة ريادة أعمال فلم أجد . وكل ما وجدته أعمال صغيرة حققت نجاحا جيدا بجهد وإصرار أصحابها ، وليس منها ما يمكن تسميته عمل رائد . ومعظم المشاريع التي كُرم أصحابها على أنها مشاريع ريادة مشاريع تنضوي تحت الغذاء (مطاعم وكافيهات)!!!! وبعض مشاريع الأزياء ومنصات التسويق ، حتى المشاريع في المجال الصناعي لا تعد ريادية في مجالها وأفضلها الذي نقل التنقية العالمية للمحلية .
لتتضح الصورة دعونا نستعرض بعض رواد الأعمال العالميين ، مثل جيمس كريستي مؤسس صالة كريستيز لمزادات الفنون الجميلة ، بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت في البرمجيات ، إستيف جوبز مؤسس أبل في الأجهزة الذكية ، ماكس ليفيتشن وبيتر ثيل وإيلون ماسك ولوك نوزيك مؤسسي شركة باي بال لدفع قيمة المشتريات عبر الإنترنت بأمان ، ري توملينسون مخترع البريد الألكتروني . والقائمة تطول كثيرا في المجال الألكتروني . وأوبر لتأجير السيارات من أحدث صيحات ريادة الأعمال التي أسسها المبدع ترافيس كالانيك . فهل من رواد أعمالنا من له مثل تلك الأفكار؟؟ أم مجرد إجترار لأفكار العالم وإعادة سعودتها بشكل أو بأخر وتسميتها ريادة أعمال .
في مجال التقنية والبرمجيات التي تمثل الثورة الصناعية الثالثة مازلنا عالة على العالم في أدق تفاصيلها وليس لنا مساهمات في هذا المجال يستحق الذكر ، والعالم الأن يتجه للثورة الصناعية الرابعة المتثملة في الذكاء الإصطناعي والمدن الذكية ونحن لم نكمل بعد الحكومة الألكترونية ، فهل نستطيع القفز هذه المرة من الصفوف الخلفية من خلال تعليمنا الجامعي وننتقل مباشرة لذلك المجال الواعد؟؟.
شبابنا لديه قدرات عالية جدا وقادر على الإبداع في كل المجالات لكن البيئة المحفزة للإبداع غائبة بل متخلفة جدا وأقصد بذلك التعليم وخصوصا التعليم الجامعي ، والإستثمار الحقيقي في الأفكار الخلاقة الجريئة ، كالمجالات الطبية التي أبدع فيها مبتعثينا إبداعا مذهلا لا وجود له مطلقا . فإين الإستثمارات في مجالات مثل تطبيقات الجوالات وبرمجيات الألعاب ، وتقنيات التعليم التفاعلي ، وأنترنت الأشياء وغيرها من المجالات التي نعتمد فيها كليا على ما يبدعه العالم ؟.
نعم ريادة الأعمال لدينا كذبة كبرى ولا تعدو أن تكون مشاريع شبابية صغيرة تستحق الدعم نعم وبقوة لكنها لا ترقى لأن تسمى ريادة أعمال ، وأتمنى رفع سقف مسمى ريادة الأعمال لمكانه الحقيقي حتى لا نكذب على أنفسنا ونبقى خلف العالم ، وأن نسمى الأشياء بمسمياتها . أعتقد أن لدينا مبدعين لديهم أفكارا رائعة لو وجدت الدعم الجرئ حقيقة لأستحقت أن يطلق عليها ريادة أعمال وعلى أصحابها رواد أعمال.
وكيف يمكن أن يكون لدينا ريادة أعمال وتعليمنا مازال يعلم مناهج عاجزة عن تحفيز التفكير والإبداع كما يجب ولا يعتمد على البحث والإبتكار في منح الشهادات ؟ وفي ظل البطء الشديد في منح براءات الإختراع ؟ وعدم وجود إستثمار حقيقي في المشاريع الجريئة والخلاقة ؟ وعدم وجود قاعدة تقنية وصناعية تستطيع تنفيذ الأفكار الجديدة ؟
إدعمو مشاريع الشباب الصغيرة لكن لا تسموها ريادة أعمال فهي ليست كذلك .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال