3666 144 055
[email protected]
صدرت الميزانية السعودية قبل أيام وتداول وناقش اغلب الاقتصاديين أرقامها , وكانت هناك تحليلات كثيرة اغلبها ايجابي , سأتكلم عن بعض الارقام التي لفتت انتباهي بالميزانية:
ودعونا نبدأ بأرقام السنة المنصرمة 2016 سنجد ان المصروفات 825 مليار ريال أي مقارب جدا لما كان مقرر وهو خبر جيد لأننا عادة نتجاوز رقم المصروفات , لكن رغم الإجراءات الحاسمة والخطط التقشفية ما زالت المصروفات كما هي, والجميع يعرف ان المصروفات الحكومية عادة مترهلة , مما يعني انه لم يصحب المصروفات كفاءة في الصرف رغم كثرة المبدرات ! , ولا زلنا نعتقد ان هناك متسع لتحسين كفاءة الصرف.
اما الايرادات فكانت حوالي 528 مليار ريال أي حوالي 3% زيادة عن المتوقع , وهذا ما زال اقل من المأمول ولو اخذنا التفاصيل سنجد ان بعض عناصر الدخل غير النفطي لم تتحسن بشكل مرضي , كمثال صندوق الاستثمارات العامة كانت ايراداته 15 مليار قبل عام وهذه السنة نفس الرقم دون تحسن يذكر , ايضا الزكاة فقد قلت ايراداتها ولم تتحسن واصبحت 14 مليار , وهذا غير منطقي في بلد يبلغ الانتاج المحلي الاجمالي 2970 مليار , حتى الضرائب على الدخل تناقصت .
الميزانية السعودية كانت اكثر شفافية هذه السنة وهذه نقطة ايجابية تحسب لوزارة المالية , لكن ما عكر الموضوع ان وزيري المالية والطاقة في المؤتمر الصحفي رفضا الاجابة عن سعر حساب برميل النفط وهذا من حقهما لكن كان بإمكانهما ان يكونا صريحين مع الاقتصاديين والصحفيين ويعتذرا عن الاجابة بدل اجابتهما التي عن غير قصد ربما كانت غير موفقة , خصوصا ان الحاضرين كانوا اقتصاديين واعلاميين مختصين (يفهمونها بسهولة). وايضا لم يكن له داعي ان يتم ذكر ان الفرد في السعودية استهلاكه للطاقة عالي ومقارنته عالميا والمملكة لا يوجد بها نظام نقل عام وليس هناك وسيلة تنقل اخرى.
ان الية فرض رسوم على العمال تبدو جيدة على العموم , لكن يجب ان يكون هناك استثناءات لبعض القطاعات , كمثال قطاع المقاولات , الواقعية تقول انه لن تتم سعودته مهما حاولنا وليس الهدف ان تتم سعودته , فلن يضيف شيء للاقتصاد اذا اصبح السعودي عامل بناء بل يجب ان تكون وظائف السعوديين ذات قيمة مضافة في القطاع كمهندسين ومعماريين ومصممين , لذلك ممكن سعودة وظائف معينة فيه , وعليه فان فرض رسوم على العمالة الرخيصة سيؤدي لارتفاع التكاليف في البناء والمقاولات , وسيؤثر على الاسكان , وهذا ليس دفاع عن المقاولين الذين لي منهم موقف معروف لأنه في اعتقادي هم اكثر الفئات التي استفادت سابقا من البلد ولم يقدم كثير منهم خدمات تذكر للوطن والشعب ,لكن المصلحة العامة تستلزم استثناء عمالة المقاولين الرخيصة من الرسوم في هذه الفترة لحل مشكلة الاسكان.
ان الخطوات لزيادة اسعار الطاقة وزيادة اسعار المنتجات البترولية وزيادة الرسوم هي زيادة للإيرادات وليس تنويع ابداعي للدخل , المطلع على ايرادات الميزانية غير النفطية لا يجد صناعة جديدة او استثمار جديد للدخل .
ما زلت اعتقد ان هناك عنصر اساسي يوثر على كل الميزانية سلبا وايجابا لكن لم يفعل بالشكل المطلوب , الا وهو مكافحة الفساد , اذا فعل بشكل جيد فانه سيؤثر على كل القطاعات كفاءة اداء وانفاق وزيادة في الدخل واذا اهمل فان كل ما نفعله لن يؤدي للنتائج المأمولة لأنه كمن يضع الماء في قربة مثقوبة , محاربة الفساد تكافح الهدر المالي وايضا تضع الرجل المناسب في المكان المناسب . وللأسف الادوات الحالية لمكافحة الفساد من اضعف وربما الاقل انتاجية في الاقسام الحكومية.
ان التكلم عن الميزانية بواقعية دون مدح مبالغ فيه ودون سلبية طاغية هو ما يحتاجه صاحب القرار .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734