الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصبحت كلمة سعودة تحمل دلالات سلبية لا تخفى على غير المتعلمين قبل المتعلمين.. أول مرة سمعت فيها هذه المفردة في سياقها المشؤوم كانت بعد تطبيق نظام نطاقات بوقت وجيز! اصبح التفنن في اصطياد ثغرات النظام هواية احترافية لبعض ضعاف النفوس الذين وضعهم القدر في موقع اتخاذ القرار في القطاع الخاص.
عندما تنظر وزارة العمل الى السعودة كرقم و نسبة فقط وعندما يغلب الكم على الكيف فلا تستغرب مثل هذه النتائج! مجرد كتابة “طلب سعودة” في محرك البحث ستزف لك ما يزيد عن ١٤٠ الف نتيجة تؤكد جميعها ان الغرض و العرض والطلب ليس له علاقة بالسعودة في معناها السامي والإنساني والتي تقتضي تمكين مواطن / مواطنة من أبناء الوطن لشغل وظيفة في القطاع الخاص ليبدأ في شق طريقه و تحقيق ذاته وبناء أحلام مستقبل مهني يرتقي فيه.
بل طلب السعودة استجابة لشركات تعرض مبالغ زهيدة لا تتجاوز في بعض الاحيان 1000 ريال فقط لمجرد ان يقبل المواطن / المواطنة لتوقيع معهم على عقد وهمي لا يتطلب من جهته اي عمل او حتى حضور ولا يلزم الشركة المتلاعبة بأي تمكين او تطوير او اكتساب خبرات للموظف والهدف طبعاً رفع نسبة السعودة!
ومع كل هذه الجهود غير المنظمة التي انتجت لنا جيلا من الشباب والشابات المغرر بهم ليكونوا مجرد ارقام ضمن سجلات شركات تعتمد التلاعب للحصول على مزيد من التأشيرات، فإن تقرير التأمينات الاجتماعية الأخير يوضح بجلاء هيمنة غير السعوديين على الوظائف في القطاع الخاص ، حيث بلغت نسبة غير السعوديين في القطاع الخاص 83% ! ولك ان تتخيل عزيزي القارئ كم تمثل السعودة الحقيقية من ال 17% المتبقية من العاملين في القطاع الخاص؟
أن يكون الموظف السعودي مثل اي موظف في العالم له الاولوية في التوظيف في بلده فهذا حق أصيل لا يختلف عليه اثنان، ولكن من الناحية الأخرى ولتمكين العمل بالمادة 77 والتي لا أرى أنها مجحفة تنظيميا ولكن إساءة استخدامها من قبل – بعض – الشركات وكذلك تهاون وزارة العمل في تنفيذ الأوامر السامية التي حصرت وظائف الموارد البشرية في السعوديين وكذلك قصور استهداف السعوديين لشغل الوظائف القيادية قبل غيرها ، كلها عوامل أدت الى الالتفاف حول هذه المادة التي هي في الأصل من اولويات العمل التجاري التي يقوم عليها اي قطاع خاص في العالم! فكل رب عمل يحرص على استقطاب و تحفيز اي موظف يكون سببا في تحقيق الشركة لأهدفها التشغيلية والربحية وبطبيعة الحال يحق له التخلص من أي موارد قد تتحول الى أعباء وتؤثر سلبيا على نتائج الشركة بما في ذلك الموارد البشرية غير المنتجة.
تحقيق رؤية 2030 يقتضي تمكين السعوديون من العمل في القطاع الخاص بمزايا جاذبة و العمل على تطوير أدواتهم والثقة في امكانياتهم و قدراتهم القيادية لأنهم أولى ليكونوا عواناً لاستقطاب غيرهم من ابناء الوطن عبر سعودة حقيقية تعتمد على الكيف قبل الكم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال