الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اعترف المنظم السعودي بشركة الشخص الواحد من خلال نظام الشركات الصادر بتاريخ 28/ 01/ 1437هـ كنوع قانوني جديد للشركة تتخذ شكل شركة المساهمة المغلقة شريطة الا يقل رأسمالها عن خمسة ملايين ريال أو شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة ولا يوجد حد أدنى لرأسمالها. كما يجوز للدولة والأشخاص ذو الصفة الاعتبارية العامة والشركات المملوكة بالكامل للدولة تأسيس شركة مساهمة من شخص واحد.
وتعد شركة الشخص الواحد نوعاً قانونياً للشركة معترف به في عدد من الدول الأوروبية والعربية. وقد اعترف المنظم السعودي بشركة الشخص الواحد بنطاق محدود في نظام الشركات السابق الصادر عام 1385 هـ، وذلك من خلال مجال البنوك حيث سمح بتأسيس شركة شخص واحد تكون مملوكة بالكامل للبنك دون اخلال بما يقضي به نظام مراقبة البنوك، وتتخذ شكل شركة المساهمة المغلقة أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ويكون نشاطها محدوداً في النشاطات والاعمال التي تمارسها البنوك التجارية، والتي يصدر بشأنها قرار من وزير التجارة والاستثمار بعد موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما). كما أجاز نظام الشركات السابق للدولة بشكل استثنائي تأسيس شركة شخص واحد مثل: شركة الزيت العربية السعودية ” أرامكو” وذلك قبل أن تتحول الى شركة مساهمة.
شركة الشخص الواحد تعد استثناء على مفهوم الشركة التي تقوم على فكرة التعاون والاشتراك في مشروع تجاري بين شريكين أو أكثر بتقديم حصة من مال أو عمل، ويجوز أن يقوم الشريك الوحيد بإرادته المنفردة بتأسيس شركة محدودة المسؤولية أوأن تؤول جميع حصص (أسهم) الشركة الى شخص واحد. وقد يكون الشريك الوحيد شخص طبيعي أو اعتباري إذا اتخذت شركة الشخص الواحد شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة الا أنه إذا اتخذت شكل شركة المساهمة المغلقة يجب أن يكون الشريك الوحيد شخصاَ اعتبارياً.
وتكون مسؤولية الشريك الوحيد عن ديون الشركة محدودة بمقدار رأسماله مما يعني انفصال ذمته المالية عن ذمة الشركة، فلا يجوز للدائنين التنفيذ على الأموال الخاصة للشريك الوحيد، كما أن افلاس الشركة لا يتبعه افلاس الشريك الوحيد، وافلاس الشريك الوحيد لا يتبعه افلاس الشركة. بالإضافة أن شركة الشخص الواحد تكتسب صفة التاجر كشخص اعتباري، ويتم اشهارافلاسها متى توقفت عن دفع ديونها التجارية. ولايكتسب الشريك الوحيد صفة التاجر بتأسيسه للشركة نظراً لمسؤوليته المحدودة عن ديون الشركة فيما خصصه من أموال في رأسمالها الا إذا كان تاجراً في الأصل قبل تأسيسه للشركة. بالإضافة أنه لا يجوز للشخص الطبيعي تأسيس أكثر من شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شخص واحد، ولا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد (ذو صفة طبيعية أو اعتبارية) تأسيس شركة أخرى ذات مسؤولية محدودة مكونة من شخص واحد.
مازالت بعض الدول والتشريعات ترفض فكرة شركة الشخص الواحد لتعارضها مع الفكرة العقديةللشركة، ومبدأ وحدة الذمة المالية دون النظر للمزاياالاقتصادية والقانونية التي تحققها. وقد ساهمت التطورات الاقتصادية المتسارعة، والتغييرات الاجتماعية، والحاجة الملحة لزيادة المشاريع الفردية الى اعتراف المنظم السعودي بشركة الشخص الواحد لما لها من أهمية قصوى في تشجيع الاستثمار، وتنشيط التجارة، وخلق فرص عمل جديدة للشباب السعودي، والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فحجم المشروعات الفردية يعد كياناَ حيوياً للاقتصاد الوطني.
كما لشركة الشخص الواحد دور فاعل في الحد من الشركات الصورية، فقد ذللت الصعاب أمام الأشخاص الراغبين في ممارسة العمل التجاري بإتاحة المجال لهم لتأسيس شركة مملوكة لهم بالكامل دون حاجتهم للبحث عن شركاء شكليين بحصص معينة، والتحايل على النظام، وذلك بضم العدد المطلوب للتماشي مع نظام الشركات السابق. كما قللت شركة الشخص الواحد المخاطر المالية للشريك الوحيد، فمسؤوليته محدودة بما قدمه من رأس مال للشركة، فلا يكون مسؤولاً في ذمته المالية عن أي ديون على الشركة مما يحميه من الإفلاس، فلا تتعرض ثروته للخطر في حال تكبدت الشركة خسائر مالية أو توقفت عن العمل نهائياً. كما أن للشريك الوحيد الحق في الحصول على الأرباح التي تحققها الشركة في نهاية السنة المالية بعد اقتطاع قيمة الاحتياطي القانوني، والاحتياطي النظامي، وتغطية الخسائر التي تكبدتها الشركة خلال السنوات السابقة. ويحق للشريك الوحيد أيضاً استرداد ما قدمه من أموال عند انقضاء الشركة وتصفيتها.
وقد يظن البعض أن الاعتراف بشركة الشخص الواحد قانونياً ليس مهماً نظراً لجواز العمل بالمؤسسات الفردية التي تعد مشاريع فردية،فصحيح أن كلاهما مشاريع فردية مملوكة بالكامل لشخص واحد، وتهدفان لتحقيق الربح من خلال مشاريع اقتصادية الا أنه توجد العديد من الفوارق الجوهرية بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية نوجزها في الاتي:
1. مسؤولية الشريك الوحيد في شركة الشخص الواحد محدودة بما قدمه من أموال في الشركة وليس مسؤولاً في أمواله الشخصية أي أن ذمته المالية مستقلة عن الذمة المالية للشركة بينما في المؤسسة الفردية الذمة المالية واحدة للفرد والمؤسسة تطبيقاً لمبدأ وحدة الذمة المالية.
2. يجوز للشخص الطبيعي والمعنوي على حد سواء تأسيس شركة شخص واحد بينما تأسيس المؤسسة الفردية محصور على الشخص الطبيعي فقط دون المعنوي.
3. تكتسب شركة الشخص الواحد الشخصية المعنوية بمجرد إتمام عملية تأسيسها، وقيدها في السجل التجاري، فيكون لها ذمة مالية، وأهلية، واسم، وموطن، وجنسية بينما لا تكتسب المؤسسة الفردية الشخصية المعنوية.
اعتراف المنظم السعودي بشركة الشخص الواحد خطوة إيجابية ذات مردود اقتصادي الا ان الضرورة القانونية تقتضي القيام ببعض التعديلات على نصوص نظام الشركات لتعزيز الشفافية، والحفاظ على مصالح التجار والمستثمرين، وتعزيز مكانة شركة الشخص الواحد في المجال التجاري، وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 فمن الأهداف الاستراتيجية لوزارة التجارة والاستثمار رفع ثقافة ريادة الأعمال وتنمية مهارات الشباب، وذلك بزيادةعدد الشركات ذات المسؤولية المحدودة من 50.000 الى 104,000 شركة بحلول 2020 م، وذلك يقتضي القيام بالآتي:
1. الفصل بين الشريك الوحيد ومهام الإدارة، فيتم تعيين مدير للشركة على قدر من الكفاءة والأمانة والخبرة، وأن يكون دور الشريك الوحيد محصور في الرقابة، فلا يكون مسؤولاً عن إدارة شؤون الشركة، واتخاذ القرارات المتعلقة بزيادة رأس المال أو خفضه، أو زيادة أمد الشركة أو حلها، أو تحويلها لشركة أخرى فذلك قد يؤدي الى تعارض المصالح، وتقديم الشريك الوحيد مصلحته الشخصية على مصلحة الشركة مما يلحق الضرر بالدائنين والمساهمين. فقد يساهم الشريك الوحيد بإفلاس الشركة لقيامه بخطأ جسيم نتيجة اهماله الإداري أو افتقاره للخبرة الإدارية، أو استخدامه أموال الشركة لسداد ديونه الشخصية.
2. تحديد الحد الأدنى لرأس مال شركة الشخص الواحد إذا اتخذت شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة، فرأس مال الشركة هو الضمان العام لدائنيها، ويجب ألا يقل عن 2 مليون ريال شريطة أن يدفع النصف منه نقداً، ففي ذلك حفظ لحقوق الدائنين، وتعزيز ثقتهم بالشركة، وضمان لاستمرارها.
3. ينبغي أن يشترط في الشريك الوحيد أن يكون حسن السيرة والسلوك، وأن تخضع الشركة للرقابة والمتابعة من خلال إدارة مستقلة متخصصة في وزارة التجارة والاستثمار تعنى بمراجعة حسابات الشركة، ونتائجها السنوية، والاطلاع على تقاريرها المالية بشكل دوري تحقيقاً للنزاهة، وحفاظاً على الائتمان، واستمرار عمل الشركة.
4. يجب تعديل تعريف الشركة الوارد في المادة الثانية من نظام الشركات الحالي والذي عرف الشركة بأنها: “عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهما في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما لاقتسام ما ينشأ من هذا المشروع من ربح أو خسارة”. فيجب أن يوضح التعريف إمكانية تأسيس الشركة من شخص واحد، وذلك باستبدال كلمة ” شخصان” ب ” شخص” أو أكثر ليتضح للقراء والمهتمين إمكانية تأسيسهم لشركة تجارية دون الحاجة لشريك، فلا يخلق ذلك التناقض في نصوص النظام ضبابية قانونية حول مفهوم الشركة.
5. ذكر الأسباب الخاصة لانقضاء شركة الشخص الواحد لوجود أسباب خاصة متعلقة بها ليست من ضمن الأسباب العامة لانقضاء الشركات. ومنها خسارة شركة الشخص الواحد لنسبة كبيرة من رأسمالها، وعدم إمكانية ممارسة نشاطها لمدة سنه، وفاة الشريك الوحيد.
6. تحديد طريقة تكوين الاسم التجاري لشركة الشخص الواحد بشكل خاص سواء كانت على شكل شركة مساهمة مغلقة أو شركة ذات مسؤولية محدودة، وذلك لأهمية عكس عنوان الشركة لشكلها القانوني، وطبيعة عملها، وتعزيز ثقة العملاء بالشركة، وتحديد هويتها حيث لم يتطرق المنظم السعودي لذلك بشكل مفصل في نظام الشركات الحالي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال