الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لعل الربع الاخير من العام 2014 م الذي بدات تنخفض فيه اسعار النفط ، الامر الذي تلاه الكثير من البيانات والجدل الاممي حول مسألة احجام الانتاج اليومي ، والذي اعطى اشارة صريحة ان اسعار النفط سوف تنخفض بشكل مستمر خلال الاعوام القادمة ، وعلى هذا الاساس كان لزاما على الكثير من الشركات والمؤسسات والمنشأت الحكومية اعادة النظر في توجهها الاداري والعمل على اعادة رسم الهيكل الاستراتيجي لها تماشيا مع متطلبات المرحلة وتوثيق الارتباط بمكونات الاقتصاد الكلي للدولة.
على المستوى الشخصي لطالما كنت اكثر حماسا وتفاعلا مع الظروف المتغيرة للدائرة الاقتصادية والتجارية للدولة ، خصوصا للمتغيرات السلبية منها ، لانها تعتبر منصة اختبار حقيقي للمنهج الاداري في اي منظمة ، وهي الظروف التي تدفع المنظمة والقائمين عليها للقيام بتعديلات ادارية منهجية استراتيجية للصمود امام تلك المتغيرات واعادة حساب معادلة التحكم بالمخاطر السوقية والتشغيلية ، ومن ذلك المنطلق نجد الكثير من التفاعل المؤسساتي اعلاميا تجاة الظروف الجديدة واصدار الكثير من البيانات و القرارات الموجهة لضمان استقرار المنظمة والمحافظة على معدلات نمو مقبولة قياسا على واقع الحال الجديد.
عطفا على ماسبق ، بعدما وضعا بعض الاطر الاساسية النظرية للتعامل مع الظروف المتغيرة ، نواجة الاستفهام التالي : هل نشهد نتائج او قرارات ادارية متوافقة مع تلك النظرية ؟؟ لا اعتقد ان مجالس ادارات الشركات ومؤسسات القطاع الخاص ومنشأت القطاع العام تفاعلت بالسرعة الادارية التي تعرضها النظرية !! فمن خلال المتابعة لنتائج اجتماعات مجالس الادارات والجمعيات العمومية للشركات المدرجة والشركات التي تنشر بياناتها بشكل دوري ان المنهج الاداري مازال يسير وفق الظروف القديمة ومازال الفكر الاداري يقاوم التغيير، ربما يتطلعون الى ان تتحسن الظروف من تلقاء نفسها !!.
اكثر المصطلحات بروزا في الطرح الاعلامي هذة الفترة هي ” الحوكمة ” و ” التحول الاستراتيجي ” واصبحت هذة المصطلحات شعارا نجمل به حواراتنا ونقاشاتنا سواءا المجتمعية او التجارية ، ولكن على ارض الواقع نجد استمرارا للمركزية واحادية القرار وفقدان لهوية العلاقة بين الملاك ومجلس الادارة والادارة التنفيذية ومكونات العمل الاداري بشكل عام ، ومازالت الملكية تطغى بتأثيرها على توجهات المنشئة واصدار التفاويض مطلقة الصلاحية وتجاوز السلسة الاجرائية للعمليات وتجاهل لتوصيات اللجان بمختلف تخصصاتها سواءا لجان المتابعة والتدقيق او التحكم بالمخاطر وحتى القانونية.
يجب ان تعي مجالس ادارات الشركات وملاكها ان المنهجية الادارية التي تضبطها الحوكمة والتي تتبع الخطة الاستراتيجية هي امتياز حقيقي يحمي الاعمال التجارية من كثير من المتغيرات الطارئة ، فيجب الاستفادة من هذا الامتياز الاداري والعمل على تحقيقه ، لان اقتصاد المملكة العربية السعودية اقتصاد نامي ومتطور وسوف نشهد الكثير من عمليات الخصخصة والكثير من الشراكات المؤسسية المحلية والعالمية وسوف نشهد امتزاج تكاملي بين كافه القطاعات وسوف تقدم المصلحة العامة على اي مصلحة.
وعليه سوف تبدأ الجهات التشريعية بفرض سياسات الحوكمة وسوف تتأكد من تطبيقها ، كما ستشارك الجهات التشريعية في رسم المدى الاستراتيجي للمؤسسات في جميع القطاعات ، لست ادعي علم الغيب ، لكن هذا مايحدث عندما يصل اي اقتصاد الى مراحل النضج ، وتصبح الدائرة التجارية لكافة القطاعات مترابطة ببعضها البعض وترسم الشكل الاساسي للدائرة الاقتصادية للوطن ، فالحوكمة ليست خيارا اداريا نجتهد في ممارسته !! انما هو اسلوب عمل حقيقي يجب الامتثال الى مقتضياته ، فهو نتاج افضل الممارسات المتبعة عالميا سواءا في الاقتصادات الناضجة او النامية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال