هل تعكس القيمة السوقية للأوراق المالية المتداولة معلوماتها الأساسية؟

للأوراق المالية المتداولة – كما لايخفى عليكم – عدة قيم يعكس كل منها جانبا معينا من قيمة هذه الأوراق. لهذه الأوراق قيمة عند الاصدار تسمى القيمة الاسمية او سعر الاكتتاب وقد يلحقها بعض علاوات الاصدار في حال كون الشركة المطروحة للاكتتاب شركة قائمة ولديها قوائم مالية تعكس أنشطتها وأرباحها. ولها أيضا قيمة أخرى هي القيمة الدفترية والتي يعاد تقييمها سنويا بناء على مايلحق رأس مال الشركة من احتياطيات وأرباح مبقاة. لهذه الأوراق قيمة ثالثة هي قيمتها السوقية أو سعر هذه الأوراق الذي يتم تداوله في أسواق المال, والذي من المفترض أن يخضع لعوامل العرض والطلب ويعكس بصورة حقيقية معلومات الشركات  الأساسية من ناحية تحقيقها للأرباح ومحافظتها على مستويات من السيولة والمديونية تتوافق مع المعايير الدولية, ولا يخضع لعوامل أخرى مثل المضاربة والتداول بناء على معلومات داخلية.

سؤالنا اليوم يحاول الإجابة عن مدى الارتباط بين ارتفاع وانخفاض القيم السوقية للأوراق المالية المتداولة مع بياناتها الأساسية من مكررات ربحية, ومستويات سيولة ومديونية ,وخطط مستقبلية .
للاجابة عن هذا السؤال لابد من التطرق إلى موضوعين هامين : 

– الموضوع الأول هو درجة كفاءة الأسواق المالية
– والموضوع الثاني هو درجة تطبيق قواعد حوكمة الشركات في هذه الأسواق
ففي الأسواق المالية التي تتسم بقدر عال من الكفاءة والتي تعني أن الأسعار فيها تتأثر بالمعلومات التي ترد إلى هذه الأسواق في توقيت متساو يعلمه كافة المتعاملون في هذه الأسواق, وفي الأسواق المالية التي تطبق قواعد حوكمة رصينة تتيح للمستثمرين مستويات عالية من الشفافية والافصاح , فإن الأسعار في هذه الأسواق غالبا ماتعكس القيم والمعلومات الأساسية للأوراق المالية , بمعنى أن أي ارتفاع أو انخفاض في أسعار هذه الأوراق المالية تحركه فقط عوامل العرض والطلب والتي هي نتيجة حتمية للمعلومات الأساسية التي ترد لهذه الأسواق عن أداء الشركات المدرجة فيها ومستوى أرباحها وأنشطتها المستقبلية. 

أما في الأسواق المالية  الضعيفة الكفاءة والتي يتم فيها تسريب المعلومات لبعض المتعاملين قبل غيرهم , والتي تكثر فيها الشائعات والأخبار الغير دقيقة , وكذلك في الأسواق التي لاتخضع لمعايير حوكمة عالية ودقيقة وتتدنى فيها درجات الافصاح والشفافية , ولاتقوم الشركات فيها بابلاغ مستثمريها بالتطورات الهامة ,فإن الأمر يترك للتكهنات والافتراضات والتوقعات مما ينعكس على القيمة السوقية لهذه الشركات بالسلب أو الايجاب بعيدا عن حقيقة أدائها المالي.

في الأسواق المالية الناشئة حيث الكفاءة ضعيفة والكثير من قواعد الحوكمة لازالت غير ملزمة , على المستثمر أن يكون على درجة كبيرة من الوعي وأن يبني قراراته الاستثمارية في هذه الأسواق على دراسة متأنية لشركات السوق وبياناتها الاساسية فقد لاتعكس الأسعار السوقية حقيقة هذه البيانات!