الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حديث الصحافة الاقتصادية في السعودية هذه الأيام يتمحور حول طرح “أرامكو” المتوقع في العام القادم. تنوعت الآراء بين مؤيد ومعارض ومحلل ومحذر.
القيمة العادلة لابد لها من أن تحقق الهدف من البيع. والأهداف المعلنة تنوعت بين زيادة كفاءة عمليات “أرامكو” ورفع مستوى الشفافية والإفصاح. كل هذه الأهداف الجميلة يمكن تحقيقها دون تغيير هيكلة ملكية “أرامكو” عن شكلها الحالي، بتدخل مباشر من مجلس إدارتها. ولذلك فلابد أن يكون الهدف الأساس من الطرح هو جمع الأموال بشكل يخدم صندوق الاستثمارات العامة لتنويع دخل المملكة، علاوة على تحويل ملكية الحصة الباقية إلى الصندوق ليصبح هو المصدر الأول والأهم للإيرادات الحكومية بشتى أنواعها.
المستثمر الجديد يهمه أولا وأخيرا التدفقات النقدية، ومصدر التدفقات النقدية الأهم لدى “أرامكو” هو علميات استخراج النفط وبيعه الذي يتم تقدير قيمته بمعادلات الموارد الناضبة. على الرغم من الوجود القوي لـ”أرامكو” في عمليات التكرير والبتروكيماويات، لكن كل هذا يبقى هامشيا عند مقارنته بحقول النفط. ورغم أن “أرامكو” لا تملك النفط في باطن الأرض، إلا أن حق الامتياز الحصري يجعلها المستثمر المحتكر للمخزون، ولذلك اعتمدت وسائل التقييم تسعير هذا المخزون لحساب قيمة “أرامكو”. وقد قدم عمر المنيع يوم الثلاثاء الماضي تحليلا على موقع أرقام يبين أثر الضرائب التي تستقطعها الدولة من “أرامكو” في تقييمها. خلص التحليل إلى أن تقييم الحكومة يقوم على إلغاء الضرائب كافة. وإني لأرجو ألا تتم أي مراجعة للضرائب المفروضة على “أرامكو” خصوصا في حال بيع الحصة كون الضرائب هي الوسيلة التي تضمن بها الحكومة أن تدفع لنفسها أولا.
محور آخر يجب أخذه في القيمة العادلة وهو علاقة “أرامكو” بالاقتصاد السعودي وأعمالها المتنوعة. فـ”أرامكو” كانت دائما الملجأ الأخير لإصلاح المشكلات أو القيام بمشاريع تطلب إمكانات غير متوافرة لدى الاقتصاد. وهي أيضا تعمل على تحفيز الاقتصاد بتوطين مشترياتها من السوق المحلية. وكذلك تمد السوق المحلية بحاجتها من الوقود واللقيم. كل هذه العوامل يمكن أن ينظر إليها المستثمر الأجنبي على أنها إهدار لكفاءة نموذج أعمال “أرامكو” التجاري، بما يخفض من هامش الربح، ولكن العائد للوطن من هذه المبادرات لا يقاس بالمال.
لذلك فإن القيمة العادلة لعوائد الطرح العام لـ “أرامكو” يجب أن تقاس بما يمكن أن تحققه عملية استثمار هذه العوائد. وبالتالي فإنها تعتمد على مدى قدرتنا على استبدال هذا الكنز الوطني بمشاريع واستثمارات مستقرة تدر دخلا أعلى من الارتفاعات المتوقعة في أسعار النفط. فيتم استبدال المورد الناضب برؤوس أموال وبنية تحتية وتقنية بما يعوض قيمة الكمية المفقودة بسبب عملية البيع، بما يزيد من الناتج المحلي ورفاهية المواطن.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال