الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يتبق الكثير على فرض رسوم الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني, وهذا انجاز كبير بلا شك, ونقطة تحول كبيرة تؤكد جدية المضي قدما في تغيير واقع الأسكان الداخلي بما لا يخل بما تم تحقيقه على مدى عشرات السنين الماضية. الهدف الأساسي من فرض الرسوم تسريع وتيرة تطوير الأراضي حتى لا تختل عجلة التنمية العقارية, ولتفادي أي أزمة اسكان قد تلوح في الأفق.
شخصيا اعتقد ان واقع الأسكان في بلادنا سيشهد تغييرا جذريا ليس على مستوى التشريعات فقط, بل حتى على مستوى طروحات مشاريع ونماذج الاسكان, وهذا سيبدأ بعد فترة وجيزة من رفع الدعم عن الكهرباء بشكلها النهائي. أعتقد ان نماذج المساكن ستتغير جذريا في مدننا, بما يضمن كفاءة استخدامها للوقود بشكل ملحوظ, اما المساكن القديمة (وأقصد كافة المساكن القائمة قبل رفع الدعم بشكله النهائي) فستشهد اعادة بناء و(هيكلة) ان صح التعبير, ولكن ذلك سيأخذ وقت اطول من تبني المباني الذكية.
والملاحظ في الآونة الأخيرة وفرة في معروض المساكن الجاهزة والأراضي الخام على حد سواء. الا ان التداول عليها قليل, وذلك لسببين, الأول ان كثير ممن يسعى لتملك مسكن أو أرض يتوقع انخفاض مستقبلي في الأسعار, وعليه فهو يفضل الانتظار على الشراء حاليا في هذه الظروف (مع الافتراض ان هذه الشريحة تملك القوة الشرائية).
السبب الثاني يكمن في ان القوة الشرائية لشريحة كبيرة لا تكفي لشراء المساكن والأراضي بأسعارها الحالية. بالنسبة للشريحة الأولى فعامل الزمن والظروف الاقتصادية الكلية يمثلان المؤثر الأكبر في قرار عزفهم الحالي عن الشراء. أما الشريحة الثانية وهما الأكثر والأضعف في المعادلة, فلا بد من تغيير الواقع بما يضمن توفر مساكن ضمن قدراتهم الشرائية. شخصيا اتوقع ان يشهد المستقبل القريب تغيير في شروط ومواصفات البناء بما يضمن توفر مساكن في متناول هذه الشريحة المهمة, وبما يضمن خفض تكاليف الأنشاء على المطورين العقاريين لتوفير مساكن منخفضة التكلفة.
كمواصفات البيوت الشعبية القديمة على سبيل المثال, والمتواجدة في حواضر الدمام والرياض وجدة, وكثير منها ما زال بحالة جيدة رغم مرور خمسين سنه على بناء كثير منها (بعضها متعدد الطوابق). كما ان هناك مستع لتقديم حلول تمويلية للإسكان تتشارك فيه الوزارة مع جهات التمويل بما يضمن حقوق الكل بعدالة و دون أي اجحاف في حق أي من ذوي المصلحةالمعنيين. وهذا مهم واعتقد ان المستقبل سيكون ملئ بالطروحات التمويلية التي تناسب كافة الفئات وتلبي احتياجات كافة الشرائح.وتبقى شريحة لا يخلو منها أي مجتمع على مر الأزمنة, وهي شريحة المعدمين الذين لا حول ولا قوة ولا مال لديهم, نساء كانوا ام رجال, واعتقد ان الوزارة ستقدم ما يضمن كرامتهم الإنسانية واعتقد ان مثل هذا سيكون في المستقبل القريب وفق شروط و مواصفات تضمن ان من يستفيد مما سيقدم تنطبق عليهم شروط المعدمين.
شخصيا اعتقد ان فرض رسوم الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني اصعب ما كان يواجه قطاع الأسكان, وحتى بعد اصدار اول فاتورة, فسيأخذ الأمر وقتا لا بأس به حتى يتبلور بصورة نهائية, فالأخطاء متوقعة, وحيز التطوير لا حد له بطبيعة الحال. لا يتوقع ان ترتبك حركة العمران بالرسوم, بل على العطس ستنشط بطريقة كبيرة, وخصوصا ان التطوير والعمران السبيل الوحيد لتفادي الرسوم. الرسوم ليست ضرائب ولا هي جباية ولا ما هم يحزنون, الرسوم هي دفع للحركة العمرانية حتى لا يصيبها الجمود وحتى لا تمرض بالاحتكار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال