الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صدر قرار من وزير العمل بقصر العمل في المولات على المواطنين ، وهذا القرار تراه وزارة العمل حلاً لمشكلة البطالة ، ويراه المواطن قراراً وطنياً ، ويراه بعض المستثمرين في المولات وقطاع التجزئة كارثياً .
ولا جدل في خطورة مشكلة البطالة ، وأولوية عملية التوطين ، وأن هذا مشروع مجتمعي كامل تتشارك فيه الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع والأسر والأفراد ..
طبيعة القرار انقلاب على مشروع نطاقات ونطاقات الموزون ، ونطاقات الذي لم يوزن بعد ، والتي كانت منذ انطلاقها تقوم على فكرة تطبيق متوسطات التوطين على أي قطاع ، بحيث يصحح القطاع نفسه .
وقد تم تجربة مثل هذه القرارات سابقاً في أسواق الخضار ، وقطاع الليموزين ، ومحلات الذهب ، وكلها لم تنجح ، علماً بأن كثير منها يقع في خارطة التستر والمعاناة فيها ليست من التوطين فقط .
مع الإشكال الحاصل لدى محلات التجزئة حالياً من انخفاض كبير في المبيعات نتيجة الركود في الأسواق ، فإن هذا القرار سيشكل مزيد من التحديات على المولات كقطاع ، وعلى قطاع التجزئة كقطاع من أهم القطاعات المؤثرة في المشهد الإقتصادي.
القرار يحتاج الى العديد من الركائز واجبة التوضيح والتطبيق من أهمها :
1. تعريف ماهو المول ؟ من حيث التصميم ، والمساحة ، وعدد المحلات .. إلى آخره .
2. القرار يتطلب آليات واضحة للتطبيق ، تتضمن البرنامج الزمني ، والذي يفترض أن يكون منطقياً وممنهجاً .
3. القرار يتطلب تطبيق أنظمة وسياسات واضحة ، للحد من تلاعب الموظفين المتلاعبين ، تضمن استقرار الموظفين بعد تدريبهم ، مثل عدم توظيفه في حالة تركة العمل الا بعد مرور مدة كافية على تركه العمل السابق ، وأن يطلب منه إخلاء طرف من عمله السابق .
4. القرار يستلزم التنسيق بخصوص آثار القرار على الجهات الحكومية الأخرى وسياساتها التحفيزية تجاه القطاع الخاص ، والتنمية بشكل عام .
5. قطاع الأعمال ينتظر مبادرة من وزارة العمل ، تحدد القوانين الثابتة والمتغيرة ، ليتمكن رجال الأعمال التخطيط بموجبها والاستثمار على أساسها .
وهنا سؤال مهم .. كيف سيتم تطبيق القرار على أعمال النظافة والصيانة ؟ وكيف سيتم معالجة التحايل من الشركات بالتعاقد مع شركات التشغيل كما هو حاصل حالياً في بعض الشركات وكذلك بعض المؤسسات الحكومية ..
من الصعوبة ، التنبوء بالآثار المتوقعة لقرار الوزير ، ولكن بالتأكيد سينطبق على القرار ؛ قانون الاثار الغير مقصودة (Law of Unintended Consequence ) ، مثله مثل الكثير من القرارات الحكومية والخاصة ، فكثير من القرارات الاقتصادية ينتج عنها اثار لم تكن مقصودة تكون تكاليفها على المجتمع اكثر بكثير من السلبيات التي حاول القرار معالجتها .
ولكن في رأيي أنه يمكن استشراف بعض الآثار المتوقعة نتيجة التطبيق ، وفيما يلي أبرزها :
1. سيزيد عدد المواطنين الذين يدخلون لسوق العمل في محلات التجزئة ، حسب درجة الاستجابة للقرار .
2. سيزيد الطلب على المواطنين المدربين والمؤهلين ، في أسواق التجزئة .
3. سيتحسن مستوى رواتب السعوديين العاملين في التجزئة ، خاصة الأعلى جودة ، والأكثر خبرة وكفاءة ، نتيجة زيادة الطلب عليهم .
4. سيكون للقرار تأثير ملحوظ على زيادة تكاليف محلات التجزئة ، حسب عدد الموظفين العاملين في كل محل .
5. ستتأثر أسعار البيع على المشتري النهائي ، نتيجة زيادة التكاليف .
6. ستشهد المولات مزيد من المعاناة ، وبعض الإخلاءات في المحلات التي لن تتمكن من مواكبة القرار .
7. سيتوقف التوسع في إنشاء المولات ، وستتوقف متاجر التجزئة عن فتح محلات جديدة فيها ، بل وقد يلجأ الكثير منها الى تقليل تواجده في المولات .
8. قد تقفل بعض المولات الصغيرة والمتواضعة ، والتي تحتوي على محلات فردية قد لا تستطيع مواكبة مثل هذا التحول .
9. سيتحسن الطلب على المحلات التجارية خارج المولات ، وقد تتصاعد الإيجارات فيها .
10. سينخفض الإستثمار بشكل عام في قطاع التجزئة ..
11. سيتوجه قطاع الأعمال للإستثمار ، والإبتعاد عن التشغيل .
اتمنى من الوزارة رصد القرار ونتائجه ، وواقع سوق التجزئة والتوطين في القطاع ، ونشر النتائج سنوياً. قد تكون النتيجة في ختام المشهد بخلاف الصورة الوردية الحالمة التي تتوقعها الوزارة نتيجة تطبيق القرار ، فكثير من المتخصصين يرون أن بعض القرارات الحكومية تتخبط حتى أن بعضها يبدو وكأنه يهندس الركود والتفليس الاقتصادي ويحققه بطريقه ممنهجه!! فبعد العقار والصناعة والمقاولات ؛ جاء الدور على قطاع التجزئة !! ومن أبرز القرارات المؤثرة في السوق والمشهد الاقتصادي قرارات وزارة العمل..
القطاع الخاص يشتكي من القرارات الحكومية المفاجئة ، وهو الشريك الذي تعول عليه الحكومة في تحقيق رؤيتها ل 2030 ، وأسوأ أزمة ممكن أن تحدث بين الشريكين هي “أزمة الثقة”!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال