3666 144 055
[email protected]
استكمالاً لما بدأناه معكم عن موضوعنا الشركات العائلية بين الحياة والموت والذي نشر في هذه الصحيفة صحيفة مال الاقتصادية على ثمانية أجزاء سابقة؛ اليوم نستكمل معكم حديثنا عن إعطاء الوقت الكافي لعملية التحول من مؤسسة فردية أو شركة قائمة على أساس فردي إلى شركة عائلية.
إن التغيير عادة في أي مجتمع أو شركة أو عائلة أو ثقافة يحتاج إلى وقت وجهد وقيادة وتكاليف. والسبب دائماً في رأيي هو العنصر البشري حيث إن القناعة لدى البشر تحتاج إلى ما أسلفنا ذكره للتغيير، وفي بعض الأحيان لا يمكن أن تتغير. وتخيل عزيزي القارئ عندما تكون العائلة مكونة من عشرات الأعضاء فمن المؤكد أن التغيير أصعب وأعقد وأطول وأيضاً هناك موظفين في الشركة من غير العائلة وهم ممن سيطالهم التغيير أيضاً وسيشاركون فيه.
وقليل من الكتب الأكاديمية والشركات الاستشارية توضح الوقت الطويل الذي تحتاجه عملية التغيير والتحول في الشركات العائلية. ولعلنا نسلط الضوء على بعض النقاط التي تحتاج إلى وقت طويل لدى الشركات العائلية التي تنوي الاستمرار لأجيال عدة وهي:
1- تثقيف وتدريب أفراد العائلة الدائم على دور الملاك والفرق بين دور المالك والمدير والموظف وبيان التحديات التي تنتج عن الخلط بينها.
2- الدستور المنظم للعائلة وتوضيح أهميته ونقاطه بالتفعيل وآلية عمله وأيضاً آلية عمل المجالس واللجان وممارستها تدريجياً حسب عمر العائلة وظروفها (عدد أفرادها، طبيعة العمل التجاري .. إلخ). ومن المفيد أيضاً عند عمل الدستور أن يشارك فيه جميع أعضاء العائلة.
3- ثقافة الاختلاف بين أفراد العائلة وكيفية حل الخلاف في حال حدوثها.
4- إطلاع جميع أفراد العائلة على الحد الأدنى من المعلومات التي تخص الشركات وأربحاها والخطط الاستراتيجية للشركة وفروعها والبيانات المالية العامة.
وفي الفترة الأخيرة نالت الشركات العائلية اهتمام الحكومات ورجال الأعمال والغرف التجارية والجهات ذاتالعلاقة، فعُقدت المؤتمرات والندوات والتي كان من بينها: ملتقى الشركات العائلية في العالم العربي “الواقع وآفاقالتطور” جدة 2002م، والشركات العائلية في اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي، الدوحة 2004م. ومؤتمر الشركاتالعائلية “إعداد الجيل القادم” المنامة 2015م، ومؤتمرالفرص الضائعة والتحديات التي تواجه الشركات العائلية، دبي 2017م. كما أصدرت وزارة التجارة والصناعة في المملكة العربية السعودية “دليل حوكمة الشركات العائلية وميثاقها الاسترشادي 2014م”.
وتعد الهيكلة السليمة للشركات العائلية عامل مهم لنجاح التحول ونقطة الانطلاق لتحول صحي، وهناك أشكال مختلفة لهيكلة الشركات العائلية لعل من أبرزها: الهيكلة النظامية (القانونية) وتعني وضع الشركة في الإطارالنظامي (القانوني) الأدعى لاستمرارها وتعظيم قيمتها وفي الغالب يكون شركة مساهمة مقفلة. وهيكلة النشاطات (القطاعية) ويعني هذا النوع من الهيكلة ترتيب نشاطات الشركة ضماً وفصلاً لتكوين مجموعات قطاعية تضم أنشطة متجانسة قابلة للإدارة بشكل مستقل. وهيكلة مالية ويعني ذلك أن يكون لكل قطاع إدارته المالية المنفصلة تمام عن باقي القطاعات، وذلك لتقليل المخاطر وزيادة المتابعة لكل قطاع على حدة.
وأوضحت دراسة بعنوان: “الحوكمة الرشيدة في العائلاتا لتجارية” عدة نقاط بدت على درجة متساوية من الأهمية للشركات الخمسة (محل الدراسة) رغم اختلاف هياكلها وأشكالها وأنشطتها وهي:
أولاً: تعتبر عملية إدارة انتقال الملكية والسيطرة الإداريةمن جيل إلى آخر محور تركيز أساسي للشركات الخمسة.
ثانياً: لقد كان للتطوير هياكل عادلة وشفافة لضماندمج الأجيال الشابة في النظام المؤسسي للشركات محوراهتمام رئيسي للشركات الخمسة.
ثالثاً: وجدنا أن الموازنة بين مصالح العائلة ومصالح الشركة أولوية مشتركة في أغلب الحالات.
رابعاً: أشارت جميع الشركات (محل الدراسة) أن نظمالحوكمة لم يتم تطويرها لتكون جامدة وإنما استلزمتتطويراً مستمراً ومدخلات من جميع أفراد العائلة مع ضمانقابليتها للتعديل وفقاً لمتطلبات العمل.
وفي الختام .. لا يوجد نموذج ثابت لعملية التحول، وإنما يكون التحول بحسب الظروف لكل عائلة. ونؤكد على أن الجانب الإنساني عامل أساسي في عملية التحول، فلا جدوى من الأنظمة ما لم تكن هناك موافقة وتأييد من العائلة وتواصل مفتوح وواضح مع الأطراف من داخل العائلة وخارجها.
وأؤكد على أن العدل والمساواة والاحترافية والنظام هي ركائز العائلة التجارية الناجحة المستمرة، سائلاً المولى عز وجل أن يديم على جميع عوائلنا التجارية الرخاء والاستمرار لأجيال عديدة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734