الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نعم انها خطوة مهمة نحو مركز مالي سعودي، فمنذ طفرة أسواق الاسهم في منتصف الألفية الماضية كان التعامل مع سوق الأسهم السعودي وكأنه قضية مجتمعية وليس كسوق مالي له عوامل وأدوار اقتصادية وإستراتيجية. كل ما كان يحيط بالسوق كان يدفع به لمراوحة مكانه او حتى الى التراجع بدلا من أخذ موقعه كأكبر سوق في المنطقة يتم فيه تداول أسهم كبرى الشركات والبنوك في منطقة الشرق الأوسط.
الكلام هنا عن هيكلية السوق ورقابته وجاذبيته للمستثمرين وليس عن ارتفاعه او انخفاضه. لم يكن هناك بوادر توحي بمستقبل جيد للسوق الى ان جاءت رؤية 2030 وأعطت دفعا كبيرا للبدء في الإصلاحات الجذرية لتطوير السوق وتحضيره لأخذ موقعه الحقيقي بين أسواق المال الأخرى. هناك استراتيجية معلنة تخص السوق كان العمل على تنفيذها خجولا جدا في السابق لكنه بدأ يتسارع مع تحديد الأهداف المستقبلية وهو ما أدى الى ادراج السوق على لائحة المتابعة تمهيدا لضمه الى مؤشر MSCI للأسواق الناشئة.
لست ممن يعتقد ان الادراج المذكور إنجاز بحد ذاته فهو مجرد خطوة نحو التطوير. هذه الخطوة جيدة مع أنها تأخرت كثيرا مقارنة بأسواق أصغر في المنطقة تم ادراجها في المؤشر منذ سنوات. إلا أن أهمية تلك النقلة في الوقت الحالي انها تأتي في نفس سياق التطوير الاقتصادي الشامل الذي تعيشه المملكة حيث الأهداف طموحة والعمل الجاد يحظى بالدعم.
لا بد هنا من التركيز على الإصلاحات والتغييرات التي أعطت الانطباع بأن النظرة وطريقة العمل قد تغيرا بشكل كامل. من جهة فقد تم تطوير الكثير من الإجراءات التقنية والسماح بممارسات جديدة معمول بها في الاسواق المتقدمة. ومن جهة اخرى، وهي بالغة الأهمية، تم العمل جديا على تفعيل الدور الرقابي على السوق فضربت الهيئة عدة مرات بيد من حديد في مخالفات جسيمة ولم تستثن أحدا من ملاك شركات ومستشارين ومراقبي الحسابات. العمل تغير بدون شك.
تهدف رؤية 2030 الى جذب الاستثمارات الأجنبية وتلعب اسواق المال في ذلك دورا محوريا. كان من الواضح ان سوق المال في وضعه السابق ليس جاذبا لأي استثمارات من الخارج ناهيك عن جذب اكتتابات جديدة. من اهداف الرؤية ايضا ان يكون في السعودية مركزا ماليا اقليميا متطورا وهذا غير ممكن بدون سوق اسهم فعال وتنافسي وجاذب.
أعود لأقول ان الأدراج على لائحة المتابعة ما هو الا خطوة أولى ستتبعها العديد من الخطوات والمشاريع في المستقبل القريب. ما زال هناك الكثير من العمل المطلوب فيما يتعلق بالسوق. المؤشرات تدل ان ذلك العمل هو قيد التنفيذ وبجدية كبيرة. التغييرات ستستمر بدون شك. كما أننا رأينا مؤخرا عدة بنوك اجنبية تحصل على تراخيص للعمل في السوق السعودي وهي بالتأكيد قامت بالدراسات اللازمة وكوّنت توقعات مستقبلية ايجابية وقررت ان تستثمر في السعودية.
اتوقع ان نرى تحديثات مستمرة في اسواق المال السعودية وطرح منتجات جديدة وحتى انشاء بورصات مختلفة ومتنوعة تدريجيا. ولا ننسى ابدا طرح أسهم أرامكو المرتقب والذي يحتاج لوحده لتطوير المنتجات والية العمل وهو ما يعطي حافزا اضافيا لتسريع عجلة الإصلاحات كي يكون السوق في الموعد. كل ذلك عمل استراتيجي كبير بعيدا عن توقعات ارتفاع وهبوط بين يوم واخر. السوق يستهدف جذب المزيد من الأموال الخارجية واستقطاب شركات ناجحة للإدراج. السوق بدأ يبتعد عن النظرة اليه كمكان يتداول فيه الهواة والعشوائيين وسيتحول الى سوق محترف.
كل المقومات لمركز مالي موجودة في السعودية والأفكار المطلوبة مطروحة في الرؤية وبرامجها التنفيذية. يبقى فقط العمل والتنفيذ بدون توقف. نجاح إنشاء مركز مالي متكامل سيكون مع الوقت مصدرا كبيرا للدخل ولخلق الوظائف وداعما اقتصاديا كبيرا. وليس هذا الكلام خياليا بل هو ما نراه في الدول التي تعتبر مراكز مالية من الشرق الى الغرب. أتفاءل دائما عندما أرى خططا مطروحة يتم تنفيذها وتحقق أهدافها. ما زال هناك الكثير من الأهداف الطموحة التي يجري العمل للوصول اليها.
ليس الوقت وقت احتفال بالإدراج على لائحة المتابعة. انه وقت الاستمرار بالعمل ولا شيء غير العمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال