الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قام الباحث د.خالد عطشان الظفيري (2012) في بحثه الصادر من جامعة الامارات العربية المتحدة بعمل دراسة في القانون الفرنسي بشأن المسئولية المدنية للبنوك حيث ذكر في ملخص البحث” أن عملية الاقتراض باعتبارها من صور الائتمان المصرفي ليست بمنأى عن المسئولية المدينة فيحق للمقترض الرجوع بالمسئولية على البنك مانح القرض عند توافر شروطها ،لاسيما أن على عاتق البنك العديد من الالتزامات الواجب تنفيذها في إطار عملية الاقتراض ؛ وهذا هو الأساس القانوني لمسؤولية البنك مانح القرض”. واشار الى ان “الاخلال بتنفيذ تلك الالتزامات قد يؤدي إلى قيام مسئولية البنك خاصة عندما يتبين أن القرض الممنوح لا يتناسب مع الحالة المالية أو الفترة الزمنية للمقترض ؛ وهذا هو معيار تحديد مسئولية البنك مانح القرض”.
وبالتالي فإن القانون الفرنسي أعتبر ان المسئولية قائمة على البنك في حالة الاخلال بواجب التبصر أو الفطنة أوالإعلام أو بواجب التحذير النصيحة أو التنبيه اتجاه المقترض سواء كان فرد أو منظمة. ولعل القضاء الفرنسي وصل لهذه المرحلة من النضج بعد دراسة حالات عديدة لقضايا ذات أحكام متباينة بين الغرف المدنية والغرف التجارية في فرنسا.
فالغرف التجارية تمنع وضع المسئولية على البنك إلا في أضيق الحدود وذلك عندما تتوفر المعلومات لدى مانح القرض بأن المقترض ذو ملاءة مالية منخفضة وغير قادر على سداد الدين أما فيما عداه فهو لا يتحمل باعتبار ان طالب القرض ذو مسئولية كامله عن تصرفاته.
بينما كانت الغرف المدينة تسعى إلى حماية العميل من جشع البنوك او المؤسسات المانحة للقرض من استغلال العميل حيث ان رؤيتها كانت تعتمد على أن البنك ذو مهنية عالية تسمح له بتقييم درجة الخطورة لحالة القرض وان المقترض إلى حدما يفتقد الى جوانب كثيرة من الوعي والمعرفة.
ومع العديد من الاحكام القضائية المتباينة واختلاف الرؤى بين الغرف في فرنسا تم عمل دراسة ثم تحديث لتلك القوانين بما يتناسب مع المتطلبات الاقتصادية وهذا يدل على وجود جهاز يقيم تلك الانظمة واللوائح ( القوانين ) وبالتالي نجد باستمرار عملية التحديث والتعديل؛ وقد تم اعتماده تحت مسمى المسئولية المدنية للبنوك والتي تلزم البنك بدراسة حالة العميل سواء فرد أو منظمة من خلال البيانات المعطاه له من قبل العميل وكذلك قواعد البيانات الحكومية المشتركة التي تعطي صورة أوضح ثم شرح من قبل البنك لحالة القرض والاثار المترتبة على العميل اثناء السداد وهذا ما يسمى بالاعلام والتنبيه بل وصل القانون الفرنسي إلى وجوب تقديم النصيحة بحكم ما يمتلكه البنك من مهنية عالية تخوله بذلك.
لعل أهمية مثل هذا القانون تكمن في تبني طريقة أو وسيلة وقائية تسعى الجهات التشريعية من خلالها إلى تجنب ما قد يترتب على الإفراط في الاقتراض من مخاطر وآثار سلبية في مواجهة كلا الاطراف سواء المقترض أومانح القرض وسينعكس بصورة أو أخرى على الاقتصاد الداخلي للبلد إن تضخم الأمر ؛ لأن الافراط في عملية الاقتراض دون وجود أنظمة تحمي جميع الأطراف سيولد آثار سلبية أهمها زيادة المتعثرين عن السداد وقد يكلف هذا الأمر تدخل الدولة لإعادة جدولة الديون للإفراد أو الشركات مما يظهر لدى المنظمات الخارجية ذات العلاقة وجود إجراءات وانظمة داخلية في البلد غير دقيقة وفعالة.
ولعل إصدار تشريعات صارمة على البنوك وشركات التمويل من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (خاصة للقروض الاستهلاكية والعقارية وبطاقات الائتمان) هي حماية في الغالب لمقترض لا يعي مخاطر الاقتراض التي قد تترتب عليه وبالأخص عندما تكون المدة طويله 3 سنوات فأكثر.
وحتى يكون الأمر أكثر وضوحاً في تحديد الغرض من كتابة هذه المقاله فإننا سنورد عدد من الاحصائيات الرسمية لتتضح الصورة توضح إجمالي عدد العاملين في القطاعين العام والخاص و إجمالي قيمة القروض ( وتم هنا تحديد القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان)، حيث بلغ عدد العاملين في القطاع العام بالدولة بنهاية عام 2016 وفق البيانات المحدثة من قبل الهيئة العامة للإحصاء حوالي 1,249,793 موظف ومستخدم نسبة الغير سعودي 5% ، وبلغ عدد العاملين في نظام التأمينات الاجتماعية (القطاع الخاص ) 10,391,607 موظف تمثل نسبة الغير سعودي منهم 82%.
وبالتالي فإن من المعروف أن تطور او نمو الدخل للمواطن ( العميل ) في القطاع الحكومي يكون أقل من القطاع الخاص وقد لا يُأخذ في الاعتبار ذلك عند منح القرض ولتنجب ذلك يجب دراسة حالة المقترض المالية فلا يجب تحميل المقترض بما لا يحتمله خلال سنوات سداد التمويل وإلا قامت المسئولية على البنك او الجهة المانحه للقرض.
ووفق لموقع العربية.نت سجلت القروض الاستهلاكية “الشخصية” في السعودية بنهاية العام الماضي 2016 أعلى مستوياتها على الإطلاق، لتبلغ 352.8 مليار ريال، مقارنة بـ 337.3 مليار ريال نهاية عام 2015، بنسبة ارتفاع 5%.
ولابد أن نلتف القارئ إلى أمر مهم في القانون الفرنسي من حيث تصنيفات العقود الائتمانية لديه فهو يعتبر عقد الايجار سواء كان موعود بالتملك أو لا من عقود الائتمان وبالتالي نحن امام عقد إيجار بمختلف أنواعه وقروض استهلاكية وبطاقات ائتمانية كلها ضمن عقود الائتمان وبالتالي ووفق القانون الفرنسي فإن على البنوك أن لا تمنح العميل كل هذه المنتجات في وقت واحد او حتى مختلفة لأن الاقساط ستدفع في وقت واحد.
ومن خلال اخذ عينة مقصودة قليلة العدد وجدت ان المواطن السعودي سواء كان ابن الجبل أو الصحراء أو البحر لدية عقد ايجار غير مقرون بالتملك وعقد ايجار مقرون بالتملك وتمويل وبطاقة فيزا كل ذلك في عرف القانون الفرنسي استغلال للعميل. وهو مايجعله في دوامة الديون لسنوات طويلة مما يؤثر على حياته المالية والمعيشية والنتيجة مواطن بسعادة أقل وانتاجية وتفاعل أقل.
لابد على جهات الاختصاص الحكومية إيجاد حلول جديدة توفر اساسيات المعيشية دون اللجوء إلى الاقتراض وتحميه من استمالة البنوك إلى منتجاتها دون معرفة ووعي من قبل المقترض بتفاصيل تلك المنتجات الائتمانية.
تغريدة:
هل لدينا فعليا قانون مشابه للقانون الفرنسي بالمسئولية المدنية للبنوك وشركات التمويل؟ فإن كان موجود فلماذا لا يطبق؟ وإن لم يكن فلماذا لا يبدأ العمل على تشريعه من قبل جهة الاختصاص (ساما) حماية للمواطن والوطن؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال