سمات القادة في رؤية 2030 “السمة الثالثة – النزاهة”

النزاهة هي أن تفعل ما يتوجب عليك فعله، أو تمتنع عما عليك الامتناع عنه دون وجود من يراقبك. تأتي النزاهة من مكان ما في نفس القائد فتعمل كأداة مراقبة ومحاسبة ذاتية لتمنعه من الوقوع في المزالق الأخلاقية أو المحظورات الشرعية دون الحاجة لمن يذكره بذلك.

يعمل القائد على تكريس مفهوم النزاهة في نفوس فريق العمل من خلال طريقته في التعاطي مع الأمور، فقبل أن يكون هناك نظام صارم للرقابة والمحاسبة لكل من يخالف النزاهة الأخلاقية في العمل، قبل كل هذا يجب أن يكون القائد نفسه مثالاً حياً على أرض الواقع، فلا يُعرف عنه أنه يكيل بمكيالين، أو يرضى لنفسه ما لا يرضاه لغيره، أو يبرر لنفسه تجاوزاته وسوء استخدامه للسلطات الممنوحة له.

يعرف القادة المتمرسون أنه لا يمكن الاعتماد بشكل كامل على الوازع الأخلاقي الذاتي لدى الجميع وأنه من الطبيعي أن تحدث بعض الأمور المنافية لقواعد النزاهة في مجال العمل، لذلك فهم يحرصون على حماية سمعة منظماتهم وبيئات عملهم من التلوث الأخلاقي بسن وتفعيل الأنظمة والقوانين المتعلقة بالنزاهة، وهم يعملون على تفسير المعنى المتوقع للنزاهة، وكذلك التذكير المستمر بما يمكن أن يحدث في حال مخالفة ذلك، لأن القادة يعرفون أن المنظمات قد تخرج من المنافسة “كالشركات” مثلاً أو قد تخفق في تقديم خدماتها “كالمؤسسات الحكومية” من بوابة الإخفاق في الحفاظ على النزاهة الأخلاقية، سواء من خلال فقدان الرقابة الذاتية لدى العاملين أو من خلال فشل الأنظمة في المراقبة و المحاسبة، و كلاهما مطلوب.

الأمر الذي يجب أن يحذر منه القائد هو الوقوع في فخ المبالغة في هذا الأمر بسبب الخوف الشديد -والذي يصل في بعض الأحيان إلى مرحلة الوسواس-من الوقوع في قضايا النزاهة الأخلاقية في العمل، فيبالغ القائد على سبيل المثال في عدد الموافقات والتواقيع والاعتمادات المطلوبة من أجل أمور لا تستحق كل هذا العناء ويمكن حلها بإجراءات وأنظمة ذكية توفر الوقت والجهد وتضمن الإنجاز بالشكل المطلوب.

إن الاختيارات الموفقة لمن يتولون مناصب القيادة ستسهم بشكل كبير في الحفاظ على مؤسساتنا ومنظماتنا قوية متماسكة وستمنعها من الأداء الهزيل أو ربما من الانهيار الكامل، والاختيارات المناسبة تعني منح الثقة بناء على السجل العملي النزيه للقائد، هذا إذا ما أردنا أن نصنع الفرق الذي يتوقعه وينتظره الجميع لرؤية الوطن.