الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هناك قولٌ شهيرٌ لشكسبير ” من الصعب جداً أن تحمل رأساً يحمل تاجاً”. وهذا ينطبق على حال الأشخاص الذين يحلمون دوماً بأن يكونوا المدراء والمسؤولين وأصحاب القرار، وهم وإن كانوا أصحاب كفاءةٍ مهنية إلا أنهم في حقيقة أمرهم عاجزون عن التعامل مع الموظفين والزملاء والذين قد تتنوع شخصياتهم ما بين أصحاب الشخصية المرنة إلى أصحاب الشخصيات الصعبة والطباع المسمومة ومدمني المشاكل والذين يليق بهم وصف زملاء العمل الأوغاد. التعامل مع هذا الصنف المؤذي من زملاء العمل طويل، وقد يكون شاقاً ولكنه لابد أن يبدأ فتجاهلهم لن يحلّ المشكلة بل قد يفاقهما أحيانا. تطرّقت مجموعة من الدراسات الأكاديمية وأبحاث سلوكيات العمل إلى كيفية التعامل مع هذا النوع من التحدي. وقد اخترنا مجموعة مفاتيح الأساسية، والتي تحتاج منّك التعامل معها بصبر وذكاء وديناميكية، لتعود عليك بالفائدة أثناء التعامل مع زملاء العمل الأوغاد:
المفتاح الأول: كن على يقين أن هناك حل وأنك لست عاجزاً:
يجب أن تقبل بفكرة أن أماكن العمل مملوءة بالأوغاد كفكرةٍ مفتاحية. وأن لاتبادل السلوك السيء بمثله، سيما إنت كنت مبتدءا في مكان عمل جديد لا تعرف تفاصيله وخفاياه. كما لايمكنك أبداً أن تكون استباقيا فتهاجم زميل عملٍ سيء لم يهاجمك ولكن من المؤكد أن عباراتٍ من قبيل ” أنا أحترم نفسي ولن أتعامل بنفس الطريقة السيئة” أو ” الأيام ستحل المشكلات وتعوضني على ما فات” أو ” أنه لابد وأن يأتي يوم ويغيّر فيه زميلي السيء من طريقه معاملته لي- نادرا ما يحدث!-“، هي عبارات فارغة لن تجدي نفعا ولن تغير الواقع. لابد من تعريف السلوك السيء الذي يزعجك والتأكد من وجوده حقاً وأن الآخرين يعانون منه أيضا وأنّك لا تبالغ ولا تتوهم .
وبعدها يجب عليك أن تطلب اللقاء بزميل العمل المسيء ومناقشة سلوكه. وهنا يجب أن تتذكّر، أنك بحاجة لأن تمسك أعصابك ولأن تبتعد عن الغضب والمواقف الدفاعية والكلمات النابية، وأن عدم اعتراف الطرف الآخر بسوء معاملته ونواياه السيئة لن يوقفك عن محاولة تغيير أثره السيء عليك في العمل . وأنك ستحاول مراراً وتكراراً ، وستغير الديناميكية وفقا لمدى استجابة الشخص ولموقعه في السلم الوظيفي. وأرجوك ألا تنسى ولو للحظةٍ واحدة أنك لا تريد أبدا تغيير طباع هذا الشخص ، ولا تريد تقويم طباعه، أنت فقط تتطلّع لتغيير طريقة تعامله معك. وهنا لابد وأن تتسلّح في هذه المرحلة بقرار ذاتي، وهو أنّك لن تدع وجود شخص من هذا النوع يدفعك للتفكير بمغادرة مكان العمل أو الاستقالة.
المفتاح الثاني : حاول أن تفهم:
ربمّا يكون زميل العمل وغداً وشخصا سيئا فعلاً، وربما هو يسيء لك بشكل شخصي وهنا لابد وأن تفكّر في سبب العدوانية العنيفة لزملاء العمل الأوغاد تجاهك؟
هل أنت تمتلك نقاط ضعفٍ في التواصل مع الآخرين، جيدين كانوا أم سيئين؟.
هل أنت ممن يهددون الأنا الخاصة بالآخرين؟.
هل يشعر الآخرون أنك تسلبهم أسلحتهم عندما ترد على إساءاتهم بلطف أو تتجاهلها فتتفاقم ردة فعلهم تجاهك؟.
هل أنت محبوبٌ وتتمتع بمهارات مميزة واضحة تعدك بسلطات أوسع؟.
هذه الأسئلة تستحق منك عناء البحث عن إجاباتها دون أن تلوم نفسك بقوة أو أن تأخذ دور الضحية، وذلك دون أن تنسى أيضا فهم مكان العمل بشكل صحيح.
قد تبوء محاولاتك المتكررة للفهم بالفشل وهنا لابد وأن تطلب مساعدة زميل عملٍ تثق به أو صديق من ذوي الخبرة. فهمك للدوافع لن يساعدك أبدا في تغيير السلوك السيء تجاهك ولكنه سيساعدك وإلى حد بعيد في ضبط أعصابك، وابتكار وسائل للدفاع والهجوم أحيانا. ولابد وأن تذكّر نفسك مرة أخرى أن هذا الشخص قد لا يتغير أبدا وأنك ستقبل ذلك ..بل إن موضوع تغييره لذاته لا يعنيك أساسا.
المفتاح الثالث : الإصرار على توضيح وشرح عواقب السلوك السيء:
إن لم تجد الجزرة نفعاً فلابد من محاولة استخدام العصا. قد لايدرك أصحاب السلوك السيء من حولك ما الذي سيحققه لهم تغيير سلوكياتهم ولكن قد يتفاعلون بطريقة مختلفة مع احتمالات ما يمكن أن يخسروه إن لم يفعلوا ذلك. وهنا لابد من إدراك موقعك في السلّم الوظيفي وموقع زميل العمل الخصم وماهو الشيء الذي قد يشكل له تهديدا ، هل هو الحرمان من ترقية، أم خلق معاناة في العلاقات مع زملاء العمل الآخرين والسمعة السيئة. التهديد بطريقة ديناميكية ومدروسة قد يكون حافزاً للأشخاص السيئين لتعديل سلوكياتهم والتصرف بطريقة أكثر مدنيةً وأقل عدوانية. ولابد وأن ندرك أن نسبة من أصحاب السلوكيات السيئة يقومون بها للمتعة الذاتية ولابد من إخطارهم أن هذه المتعة الشخصية السيئة قد تكلفهم الكثير.
المفتاح الرابع : أنت في حرب لن تكسبها بتعزيز حالة السلم:
من المهم أن تدرك هذه الحقيقة عندما يتفاقم السلوك السيء تجاهك. وأنك قد تحتاج لإطلاق النار معنوياً على الشخص وهذا لا يكون أبدا بالردود المسالمة بل بتوثيق التصرفات السلبية والاحتفاظ بالمراسلات الإلكترونية والتقييمات من الآخرين لسلوكيات الشخص المعني. ومحاولة توريط هؤلاء للتمادي بتصرفاتهم السيئة أمام الآخرين، وطريقتك في التصدي لها جميعا والمعلومات التي تقدمها واعتراضاتك المنطقية على هذه السلوكيات.
تتداول مجتمعات العمل العربية عبارة مشهورة تقول ” اربط الحمار حيث يريد صاحبه ذلك ” والمقصود بها قم بما هو مطلوب منك حتى وإن لم تكن راضياً عن الفكرة أو الأسلوب، وفي بعض الأحيان يكون التزامك بهذه الفكرة جزءا من القبول بسلوكٍ مسيء يقوم به شخص نذل تجاهك لسببٍ شخصي ما قد لا يكون له علاقة بالعمل بل بحربٍ طويلة معك. فلا تتجاهل هذا النوع من الإشارات عندما تتكاثر من حولك. حاول تفنيدها والتعامل معها حالةً تلو أخرى.
المفتاح الخامس : لا تخف وكن صديق نفسك:
لا تخف أبداً من الحديث عن المواقف المسيئة بحقك، ولا تخجل من التعبير عما تشعر به ولا تغض النظر عنها، تماما كما لا يجب عليك أن تُؤخذ بتصرفاتٍ جيدة مباغتة قد يقوم بها الشخص المسيء لاستمالتك أو للعب على مشاعرك رغبةٌ منه في تغيير قواعد اللعبة أو كسب هدنةٍ جديدة في الحرب معك . على سبيل المثال قد يخطر للشخص المسيء أن يحادثك بلطفٍ أمام الآخرين في اجتماعٍ عام أو يتقصّد مناداتك بلقب محبب، فيظهر أمام الآخرين أنه لطيفٌ وأنك تبالغ في ظنونك تجاهه. وهنا لابد وأن تركز في ردة فعلك على إيصال رسالة مهمة له بأن هذه التصرفات التلطيفية لن تجدي نفعاً فهو بحاجة لتغيير سلوكه السيء تجاهك على الأق، وأنّك تفهمه جيداً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال