3666 144 055
[email protected]
الطلب على النفط سيرتفع حتى لو استعملنا السيارات الكهربائية
الجميع أصبح يعرف السيارات الكهربائية التي بدأت حاليا تلقى رواجا في العديد من دول العالم، والتي طالها كثيرا من اللوم والاستنقاص وأنها سببا رئيسيا لتهديد الطلب على النفط. فالبعض رأى أن مستقبلها سيسحق سوق النفط سحقا والبعض الآخر أخرج لها عيوبا غير منطقية مثل: أنها بحاجة إلى طرق ملساء ومصقولة كي تسير عليها، وأن البطاريات غير عملية وقابلة للانفجار في أي وقت.. إلخ. هذا كله كلام غير منطقي ومن الغلط الوقوف في وجه تقدم التكنولوجيا (We can’t stop technology)، لذلك نلجأ دائما إلى تحليل السوق ومتطلباته حتى نفهم الفكرة بشكل أوسع.
عند النظر إلى الطلب على النفط، يركز محللو سوق النفط بأغلبية ساحقة على سيارات الركاب فقط. حيث أن واحدة من أهم النقاشات اليوم تدور حول أحتمال ارتفاع الطلب على النفط، سواء ذكرت السيارات الكهربائية أو لا، مع الاتجاهات العامة نحو المزيد من كفاءة الوقود سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى ذروة وانخفاض الطلب الكلي على النفط في جميع أنحاء العالم. ولا شك أن الإصدار القادم من نماذج السيارات الكهربائية ستضيف أكثر من بضعة خانات ونقاط حول كيف يمكن أن تكون بداية نهاية النفط.
ولكن الحديث غالبا عن هذا الموضوع يتغاضى عن الدور الذي تقوم به الشاحنات وقطاع الشحن في دفع الطلب. ونشرت الوكالة الدولية للطاقة تقريرا يدّعي أن العالم يحتاج إلى التوصل إلى حل بشأن التعامل مع كفاءة الوقود للشحن. وإلا سيستمر الطلب على النفط في الارتفاع، بغض النظر عن عدد السيارات الكهربائية على الطرق والشوارع.
في الحقيقة أن الشحن العابر أو البحري أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي، وبالفعل فإنه يميل إلى أن يكون مرتبطا بالناتج المحلي الإجمالي. وتقول وكالة الطاقة الدولية (IEA) إن أربعة بلدان فقط هي كندا والولايات المتحدة والصين واليابان لديها معايير كفاءة الوقود للشاحنات الثقيلة، وهي 10 في المائة من البلدان الـ 40 التي لديها قواعد لسيارات الركاب.
ومنذ فترة طويلة جدا، كان هناك نقص في تركيز السياسات على كفاءة وقود الشاحنات. وقال الدكتور فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في بيان صحفي: “نظرا إلى أنها الآن هي المحرك المهيمن للطلب العالمي على النفط، لم يعد من الممكن تجاهل هذه المسألة إذا أردنا أن نفي بأهدافنا في مجال الطاقة والبيئة. ومنذ عام 2000م، استأثرت الشاحنات الثقيلة بنسبة 40 في المائة من النمو الكلي في الطلب على النفط، على قدم المساواة مع حصة سيارات الركاب. وتحرق الشاحنات نحو 17 مليون برميل من النفط يوميا، أي نحو خمس مجموع إجمالي الطلب العالمي.
والأهم من ذلك أن الطلب لا يزال ينمو بسرعة. وبحلول عام 2040م، سيكون الشحن البري مسؤولا عن نمو الطلب بمقدار 5 ملايين برميل يوميا، أي حوالي 40 في المائة من إجمالي الطلب الإضافي في هذا الإطار الزمني. وفي حالة حدوث ذلك، فإن أي فرصة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية سيؤدي إلى انخفاض كبير في الزيادة الكبيرة في الانبعاثات الناجمة عن النقل بالشاحنات. حتى في البلدان الصناعية مثل الولايات المتحدة وأوروبا، حيث استهلاك النفط في سيارات الركاب قد هبط، وقطاع الشحن لا يزال يشهد طلبا متزايدا. ولكن معظم النمو سيأتي من الصين والهند، حيث ستستهلك 90 في المائة من البراميل الإضافية للشحن.
وتحث وكالة الطاقة الدولية الحكومات على إحراز تقدم في الحد من نمو الطلب. ويذكر ثلاثة مجالات ممكنة لتحسين الأداء:
1- الخدمات اللوجستية والعمليات، مما يعني استخدام أشياء مثل نظام تحديد المواقع (GPS) “تحسين توجيه الشاحنة”، إضافة إلى تحسين كفاءة سلسلة التوريد (SCM) بحيث تحمل الشاحنات حمولات ثقيلة وتقلل عدد الرحلات الفارغة. البيانات الكبيرة، “إنترنت الأشياء” Internet of things (IoT)، والشاحنات ذاتية التحكم والتي تقع ضمن هذه الفئة.
2- هناك مجال كبير لتحسينات الأجهزة والمعدات. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن أسطول النقل بالشاحنات يمكن أن يستخدم التعدیلات الھوائیة (Aerodynamic retrofits) للحد من السحب والجر والعوائق المصاحبة للاحتكاك. ويمكن أن تعزز المواد الخفيفة، والمحركات الأفضل، وأنظمة الدفع جميعها من الاقتصاد في استهلاك الوقود. وهناك أيضا إمكانية للتوصل إلى شاحنات هجينة بل وانبعاثات صفرية.
3- يمكن أن تكون هناك فائدة كبيرة من استخدام أنواع الوقود البديلة، التي تشمل الوقود الحيوي والغاز الطبيعي والكهرباء وحتى الهيدروجين.
وإذا ما اعتمد القطاع مجموعة من هذه التحسينات، فإن وكالة الطاقة الدولية (IEA) تقول إنه من الممكن خفض الطلب على النفط بنحو 16 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050م، مقارنة بسيناريو العمل المعتاد. لكن الحكومات تحتاج إلى التركيز على عدة مجالات لتحقيقها: معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود؛ دعم تحسين استخدام البيانات لإدارة سلسلة الإمداد؛ وسياسات لتشجيع الوقود البديل، بما في ذلك البحث والتطوير، واستيعاب السوق والبنية التحتية للتزود بالوقود.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734