الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كتبت في مقال سابق –محاميستا– عن ظهور بعض المحامين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. في هذا المقال أُناقش انتشار الحسابات القانونية من خلال وسائل التواصل والتي من المفترض أنها أُنشئت لتقديم كل ماهو متعلق بمهنة المحاماة كنشر آخر الأخبار أو كتابات بعض المحامين أو استعراض بعض المعلومات. كما نلاحظ كذلك أن هنالك مقابلات ولقاءات لبعض القانونيين للتحدث عن موضوع معين متعلق بالقانون، أو للتعريف بأنفسهم، أو سرد تجاربهم. ومن نافلة القول أننا لا نعرف لمن تعود هذه الحسابات.
لا أعرف فيما اذا كان الزملاء يتفقون معي أم لا في أنّ كل ما سبق يمكن توقعه أو تقبله، أما الغريب في كل هذا هو أنه لا أحد منّا يعرف اسم شخص محدد، أو أي إشارة من الممكن أن تقودنا لمن يدير هذه الحسابات أو ينظمها.
هذه “الصيحة” بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة بشكل كبير وتحديدًا من خلال تويتر وسناب شات؛ ربما لكونهما من التطبيقات الأكثر رواجًا واستخدامًا بين الناس. هذه التطبيقات أتاحت للبعض فرصة دون غيرهم للتسويق لأنفسهم عبر ظهورهم من خلالها. وبغض النظر عن حقيقة أن ذلك يحصل بلا معايير محددة، ولا مرجعية واضحة، ولا أحد منّا يعرف من أي جهة صدر التصريح أو الموافقة على وجود هذا النشاط واستمراره والإشراف عليه، وبالتالي فلا يمكننا الجزم بأن كل ما يصدر من معلومات من خلال هذه الحسابات صحيح.
هذا فضلًا عن أن بعضهم استغل هذه الفوضى لترويج بعض النشاطات التي تُعنى بخدمة المجتمع، سواءً كانت مشاريع يشترك في تنظيمها والإشراف عليها أكثر من جهة، أو كانت مبادرة شخصية صادرة من المحامي نفسه. ولهذا النشاط عدة صور أبرزها: تقديم نصائح أو وعي قانوني للمجتمع أو دروس قانونية، ومن الممكن أن يقوم بنشر أرقامه، أو الترويج لحساباته في وسائل التواصل، أو ظهوره يوميًا للعامة من خلال الوسائل التي تتيح البث، وقد تنتهي هذه الأدوار باستعراضهم لحياتهم الشخصية أو مشاجراتهم وممارسة دور النجومية والشهرة. وبعضهم استغله بصورة تظهره بمظهر الملائكي الزاهد الذي من الممكن أن يكون على استعداد بأن يُسَخّر خبرته ومجهوده ووقته تطوعًا لخدمة المجتمع، تطبيقًا للحديث النبوي (من كتم علمًا نافعًا كتمه الله بلجامٍ من نار يوم القيامة).
فَهُم بذلك يطلبون مرضاة الله ولا يطلبون مهنةً ينفقون بها على أنفسهم وأطفالهم ويتنافسون فيها، ولا يطمحون إلى أي مردود مادي ومالي مقابلها. هؤلاء الذين باتوا يظهرون بشكل مبتذل يوحي بأن المحاماة جمعية خيرية، ربما أغفلوا أنها مهنة كأي مهنة تُعّد مصدر رزقٍ لمن اختار أن يمارسها، وكونها تُعنى بإحقاق الحق وتحقيق العدالة ونصرة المظلوم؛ لا يتعارض مع أن تكون كذلك.
هذه الحسابات التي أُنشئت والتي باتت تتوالد وتتكاثر مثل الأرانب يومًا بعد آخر، من الذي يديرها؟ وهل تعمل لصالح فئة دون الأخرى، أو محاباةَ محامٍ دون آخر؟ أو فيما إذا كانت تروج لشعارات من أي نوع، أو تُمَيّز بين فئة وأخرى في المجتمع، أو تستغل قناع القانون لأي أهداف أو أنشطة أخرى إلى آخر هذه التبعات؟ وماهو التنظيم الذي على أساسه أُنشئت هذه الحسابات؟
وما هي المعايير لاختيار محامٍ ما لتقديم نفسه أو تسويقه وترويجه لأعماله أو لمكتبه عن طريقها؟ وهل يدخل ذلك في باب الدعاية والإعلان أم لا؟ لا نعرف إلى من يُمكن أن تُوَجه هذه الأسئلة، ولا نعرف إن كان هذا الأمر يتطلب البحث والتقصي ومن ثم اتخاذ القرارات، أم أن الاستمرار في العشوائية التي تتميز بها تنظيم هذه المهنة والتي لا يمكن حجبها بغربال بات أمرًا معتادًا وطبيعيًا؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال