الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قدمت المملكة على مدى العقود الماضية نموذجا فريدا في التحول الوطني من مجتمع بدائي غير متعلم بالغالب الى مجتمع متمدن، متعلم وطموح، كان قوام هذا التغيير سياسات حكومية متعاقبة بخطط خمسية وضعت في اعتبارها عناصرالتنمية الشاملة وكان ان نجحت هذه الخطط بمرونة عالية جدا دون ان يفقد المجتمع المحلي الكثير من خصائصه الاجتماعية، الثقافية او الدينية وشكل مزيجا فريدا في التمدن كمجتمع .
بدأت عملية التنمية حينها بمحفزات خارجية عظيمة تمثلت في النفط وما نشأ حوله من صناعات أساسية ساهمت في صنع هوية المملكة الاقتصادية والتي لا تزال سائدة حتى يومنا هذا.
نقف الْيَوْمَ على اعتاب تحول وطني من نوع آخر، قوامه هذه المرة دوافع نمو داخلية لا بد من الاستجابة لها ومحفزات خارجية لا تقل أهمية عنها. ففي عصرنا الحالي بات من المستحيل تحقيق تنمية مستدامة دون التعايش والتكامل مع النظام العالمي سواء من خلال الصناعة او التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر. تحولنا هذه المرة يفضي “باْذن الله” الى اقتصاد متنوع وهو ما لا نجيده فقد ادمنا النفط والصناعات حوله بسبب قوة الدعم الحكومي والطلب المحلي والعالمي على هذه المنتجات. بمعنى آخر صناعة مضمونة.
نتحدث الان عن مخاطر اكثر ومجال تنافسي اكبر لا نملك فيه نفس القوة التي نمتلكها مع النفط، او كذلك أقنعنا أنفسنا. فهناك عوامل قوية تجعل تجربة تنويع الاقتصاد صناعيا، تجاريا وخدميا اقل مخاطرة مما يتصور البعض، فالموقع الجغرافي للمملكة، توفر الموارد الطبيعية الغير مستغلة، حجم استهلاك محلي مرتفع ودعم حكومي غير مسبوق على كل المستويات.
ما نفتقده الْيَوْمَ هو دور رئيسي لصانع سوق قادر على صنع هوية مختلفة ومتجددة خاصة في مجالي الصناعات الخفيفة والتجارة ، فالغالبية لدينا مقلدون وغير مبتكرين ويبحثون عن منتج اجنبي جاهز عوضا عن خلق او دعم منتج وطني ليصبح قويا ومنافسا، ولو سلمنا لمسألة قوة المنتج الأجنبي، فالاجدى هو الاستثمار في ملكية الأجنبي ونقل تجربته للسوق المحلي تماما كما تفعل بعض الدول الآسيوية المتقدمة صناعيا فالتنمية المستدامة قوامها التصنيع والاستثمار ولا تأتي الا بنقل التجارب ودعم الابتكار والتشجيع عليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال