الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قد تختلف طبيعة التحديات وحجم التوقعات على مستوى الإنجاز باختلاف الجهات الحكومية التي أخذت على عاتقها المشاركة في القفزة التنموية والحضارية لتعزيز اقتصاد المملكة العربية السعودية منذ انطلاق ساعة الصفر لرؤية 2030 واتضاح المستهدف لكل وزارة / جهة بناء على مدى جاهزية الجهة والمنهجية الإدارية التي تتبعها في انجاز الأعمال الموكلة لها. ولكن بطبيعة الحال فإن هناك عوامل مشتركة ورسالة موحدة مفادها أن خدمة المواطن / المستفيد من خدمات الجهة هو محور الاهتمام ووسيلة شفافة لقياس مدى الإنجاز. وهذه العوامل المشتركة مهدت الطريق نحو تكامل الأهداف بتظافر الجهود مع اتضاح الأهداف وشفافية الطرح وتوفر الدعم الكامل من القيادة الرشيدة للوصول للأهداف المرسومة ضمن رؤية 2030 بكل احترافية واقتدار.
الوعي المتسارع والملحوظ لدى كافة الجهات الحكومية باتجاه إدارة التغيير ومراجعة الهياكل التنظيمية لتتواءم مع التحديات الجديدة هو بلا شك تفاعل إيجابي و بنّاء أوجدته تركيبة رؤية 2030 بتخصيصها أهداف استراتيجية محددة لكل وزارة / هيئة / جهة حكومية يسند اليها إنجاز هذه الأهداف، أخذا في الاعتبار الدور المسند للمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة بتعزيز الشفافية لجميع الأطراف ذات العلاقة عبر متابعة مدى التقدم الحاصل في تنفيذ البرامج والمبادرات وتحقيق المستهدفات، وقياس مستوى التقدم بشكل دوري وهذا يستوجب إيجاد وسائل فاعلة داخل هذه الأجهزة الحكومية للتأكد من تحسين جودة المخرجات وإعادة هندسة إجراءاتها الداخلية بما يتناسب مع التحديات المسندة إليها.
للانتقال برؤية 2030 من المأمول الى واقع معمول به ، نحن بحاجة ماسة لتغيير أسلوب الإدارة التقليدي الروتيني المتبع في معظم الجهات الحكومية بتحديث المنهجية الإدارية الحالية المعتمدة على الإحالات اليومية (باللازم وللحفظ) الى منهجية فاعلة تضع الإنجاز هو المعيار والنتائج هي الحَكَم. الإدارة بالأهداف هي منهجية إدارية حديثة أصيلة في نفس الوقت تهدف إلى تركيز الجهود في المنظمة الإدارية على بلوغ الأهداف المرسومة لها عبر الإدارة التشاركية ، بمعنى أن تحدد كل وزارة أو جهة حكومية عن طريق مشاركة العاملين فيها دورها في رؤية 2030 وأهدافها ومن ثم يتم إعداد و تطوير خطط العمل اللازمة لبلوغ هذه الأهداف. ومن أهم مبادئ الإدارة بالأهداف “زيادة التزام الموظفين في الإنجاز عبر الأهداف الشخصية التي تسند لكل موظف والتي هي في الأساس أنشطة ومهام تصب في اتجاه تحقيق أهاف الجهة / الوزارة.
ولن يكون هناك وقت أنسب من الآن لتفعيل الإدارة بالأهداف بعد أن تم التمهيد والتوطئة برصد أهداف ذكية لكل وزارة / جهة حكومية بعد تمت مناقشتها وتحديدها والاتفاق على أدوات قياسها والمدة المطلوبة لإنجازها ضمن أهداف رؤية 2030.
يتطلب تفعيل منهجية الإدارة بالأهداف اتباع الخطوات الخمس الخاصة بها والتي حددها العالِم في مجال التنظيم الإداري بيتر دراكر ، وتتضمن الخطوة الأولى : تحديد الأهداف المطلوب إنجازها و مشاركة تعريفها والإلمام بها مع جميع الموظفين ويتم ذلك عبر ورش عمل داخلية تجمع الرئيس بمرؤوسيه وتتضمن الخطوة الثانية لمنهجية الإدارة بالأهداف، التواصل مع فرق العمل ( الموظفين ) و يتم فيها شرح تفاصيل الأهداف الرئيسية للجهة وربط الأهداف المسندة لكل إدارة / موظف بالأهداف الرئيسية. ويلي ذلك تحفيز الموظفين للمشاركة في وضع الأهداف بعد ان تمت مشاركتهم في الأساس الأهداف الاستراتيجية وأساليب تحديد الأهداف الذكية القابلة للقياس ، ويعهد الى الرؤساء المباشرين بمراجعة أهداف منسوبيهم ومناقشتها وتعديلها إن لزم الأمر قبل إقرارها. ويعزز هذا الإجراء احتواء الموظفين والإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم وكذلك تشجيعهم على الالتزام وإنجاز الأهداف المتفق عليها.
أما الخطوة الرابعة لمنهجية الإدارة بالأهداف فهي مخصصة لمتابعة الإنجاز و التقييم المستمر وتصحيح المسار حيث تمتاز هذه المنهجية بعدم اعتماد الرئيس المباشر على التقييم السنوي كأداة قياس أداء الموظف، بل تتيح للرؤساء المباشرين وكذلك للموظفين على حد سواء الحصول على فرصة التقييم الموضوعي والتقويم المستمر مما يجعل العمل نحو تحقيق الأهداف المرسومة رحلة ممتعة تمتزج فيها الجهود اليومية بالتدريب الاشرافي وتحسين المخرجات والتغذية المرتجعة والتطوير.
التقييم الموضوعي للأداء وتمييز المنجزين تأتي كخطوة ختامية لتتويج الجهود، حيث تجعل منهجية الإدارة بالأهداف التقييم النهائي لأداء الموظفين أكثر منطقية وفعالية، فعندما يعمل الرئيس مع المرؤوس جنباً الى جنب من مرحلة مناقشة الأهداف الى الاتفاق عليها الى تنفيذها ومتابعة إنجازها ومعالجة الملاحظات أولا بأول فهذا يعزز الترابط ويولد القناعة أن مهارات الإنجاز والالتزام والتواصل النوعي بين فرق العمل كفيل بأن يصنع من الأهداف المسندة خطوة إنجاز نوعي تساهم في مسار التنمية.
عبر تفعيل الوسائل الضرورية لتحقيق رؤية 2030 ستتمكن الرؤية من ردم الهوة بين أداء القطاع الخاص والقطاع العام عبر خصخصة الأداء أولاً وتطوير رأس المال البشري الذي هو محور الإنجاز والمحرك الحقيقي للتنمية المستدامة. ولكي نصل الى المرحلة الكاملة للمشاركة من منسوبي الأجهزة الحكومية فيجب النظر الى منظومات تقييم أداء الموظفين وما يتطلبه ذلك من تدريب وتطوير وتعليم مستمر استثمارا في القوى العاملة وميدانا متاحاً للتنافسية في الإنجاز بين القطاعات كافة لتحقيق أهدافها المعتمدة ضمن الإطار الزمني المحدد لكل هدف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال