3666 144 055
[email protected]
كل ما يحدث الآن تهيئة للقادم، كل ما يتم وضعه من قوانين وتشريعات وكل ما يتم فرضه من رسوم و غيره تهيئة للمستقبل، واقصد هنا المستقبل القريب وليس البعيد. المستقبل يحمل في طياته علامات استفهام كثيرة، وخصوصا مستقبل الطاقة النفطية مع ظهور بدائلها على الساحة، وخصوصا بدائل تشغيل وسائل النقل المختلفة والتي تستهلك اكثر من 70٪ من النفط. ما يحدث الان تهيئة لكفاءة اكثر لتشغيل ما تملك. ولكن هل يكفي هذا لديمومة الاقتصاد؟ الجواب بكل تأكيد لا.
ما لم يتم العمل على قدرة تصديرية فلن نخرج من دائرة الضعف الاقتصادي ولن نكون في اي حال من الاحوال مؤثرين. والقدرة التصديرية بحاجة الى بنية تحتية صناعية مؤهلة، وتحتاج الى دعم موجه و متمكن، وتحتاج الى كفاءة في الموارد البشرية، وتحتاج الى فهم عميق للأسواق الخارجية، وتحتاج ايضا الى علاقات دبلوماسية ممتازة مع الجميع، و تحتاج ايضا لتفهم واسع لتعقيدات المنافسة الدولية، وغير ذلك الكثير مما يجعل المسألة بالغة في الصعوبة ولكن النجاح فيها يؤهل لمستقبل يسوده الرخاء ويملك مقومات البقاء.
التهيئة تبدأ في التعليم وتمتد الى كل مناحي و وسائل الاعلام، و يسير مع التهيئة في خط متوازي العمل تنظيميا وتشريعيا لإنجاح المراد تحقيقه. ومن المهم المراجعة الدائمة، ومن المهم الصدق مع الذات، ومن المهم تسريع وتيرة المحاسبة للمقصرين وليس المخطئين. والفرق بين المقصر والمخطئ كبير، المقصر يتقصد الخطأ ولا بد له من عقاب، اما المخطئ فلم يتقصد الخطأ ويتم معالجة أخطائه بالتصحيح الترشيدي وبالاخبار وبالتوجيه. ولا شك ان المساواة بين المقصر والمخطئ مربك للعمل و غير مفيد له وهو من الظلم الكبير لا شك.
التهيئة تحتاج الى قدرة على اعادة برمجة العقول بلا ارباك، بحاجة الى فهم احتياجات الواقع بصدق، بحاجة الى مكاشفة و مواجهة و نظرة واقعية لا تختل بها الموازين ولا يذهب ضحيتها احد. التهيئة لا تعني بأي حال من الاحوال الصدام والربكة والاضطراب. التهيئة فن، اعتقد اننا نجحنا فيه، وبقي لنا العمل على انجاح ما نهيأ له.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734