الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل سنوات لم يكن مصطلح استطلاع مرئيات العموم من المصطلحات المتعارف عليها وكان الكثير من الناس يجهل معناه وآليته والغاية التي وضعت لأجله٬ حيث لم يكن هذا الأمر إلزامياً على الجهات الحكومية وكان ينفرد بعمله عدد محدود منها. أما الآن ومع سعي الدولة الحثيث لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة في القطاع الحكومي أصبح إلزامياً على جميع الجهات الحكومية إشراك المجتمع في عملية صنع السياسات وتحقيق أعلى قدر من الشفافية والحوكمة؛ خصوصاً فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية والتنمية ومن ضمن ذلك استطلاع مرئيات العموم.
استطلاع مرئيات العموم أو آراء العموم هي أداة أساسية من أدوات رسم السياسات في يد الجهة التنظيمية وهو إجراء يقصد منه أخذ مرئيات العامة في اللوائح أو الأنظمة ذات التأثير عليهم. وقد يأخذ استطلاع مرئيات العموم أشكال عدة أبرزها نشر التنظيم/اللائحة المقترح إصدارها (أو التعديلات المقترحة على تنظيم/لائحة سبق إصدارها) في الموقع الإلكتروني للجهة المنظمة لاستطلاع مرئيات العامة حول المواد التنظيمية المذكورة فيها وإتاحتهمدة معينة من الزمن بحيث يتسنى لكل ذي علاقة أو مصلحة أن يبدي رأيه في تعديل أو حذف أو إضافة.
مع انتشار العولمة والتطور السريع في مجال العلم والثقافة على جميع الأصعدة ومع تطور وسائل التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعيأصبح المجتمع الآن أكثر وعياً بحقوقه وأصبح لزاماً أن يكون أسرع مبادرة إلى استعمالها. ومع ذلك نجد إحجام كبير من الناس عن المشاركة في مثل هذه الاستطلاعات أوالاستفتاءات الصادرة من الجهات التنظيمية، فأين يكمن الخلل؟
استطلاع آراء العموم أو ما يسمى المشاورة ليس بمفهوم جديد بحد ذاته وهو من المبادئ الإسلامية الأساسية المعمول بها منذ عصر النبوة وإن اختلفت الأشكال والطرق٬ وفي ذلك تأكيد على أهميتها. وكما أن العمل بهذه الممارسة تعزيز لمبادئ الحوكمة في القطاع الحكومي من شفافية وإشراك للمجتمع وأصحاب المصالح، فله من الفوائد على الجهة التنظيمية ما لا يقل عنها للآشخاص المعنيين بأحكامها.
فاستطلاع مرئيات العموم يعتبر كتمهيد لإصدار تنظيم جديد أو تعديل لتنظيم سابق مما من شأنه تقليل مخاطر عدم الالتزام وتكلفة الالتزام لكلا الطرفين من جهات تنظيمية وأشخاص معنية بالتطبيق بحيث يمكن الجهات التنظيمية من تقدير الآثار السلبية المحتملة من تطبيق التنظيم الجديد مما يمكنها من تفاديها أو التقليل من حدتها. استطلاع مرئيات العموم يتيح أيضاً للجهات التنظيمية الاستفادة من نتائج أبحاث متخصصين وباحثين أكاديميين وغيرهم في مجال معين في حين قد لا يتسنى لهم التوصل إلى تلك الأبحاث دون هذه الوسيلة، وأيضاً يساهم في تكوين صورة واضحة للموضوع محل الدراسة في أذهان راسمي السياسات وذلك بسماع مرئيات أشخاص من مختلف القطاعات والطبقات والخلفيات، مما من شأنه تحسين جودة تلك السياسات والرفع من كفاءتها.
الشورى كما يصفها دكتور محمد عمارة هي: “مصطلح إسلامي خالص وأصيل، وهو اسم من المشاورة التي تعني استخراج الرأي، فهي فعل إيجابي لا يقف عند حدود التطوع بالرأي، بل ينتقل من درجة التطوع الى درجة العمل على استخراج الرأي” وذلك قد يفهم منه أن المجتمع وأصحاب المصالح لهم دور كبير في المشاركة في مثل هذه الاستطلاعات وإبداء آرائهم٬ لكن العبء الأكبر يقع على الجهات الحكوميةفي التطوير من آليات عمل هذه الاستطلاعات ومحاولة إشراك أكبر عدد من أصحاب المصالح.
يبقى السؤال٬ هل سنرى في القريب تفاعل مع استطلاعات مرئيات العموم كحجم التفاعل الذي نجده في المناسبات الاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي أم ستظل هذه الفجوة بين الجهات الحكومية والمجتمع إلى مدى أبعد؟ وهل سنجد جهد أكبر من الجهات الحكومية في الرفع من مستوى اشتراك المجتمع في مثل هذه الاستطلاعات أم أن عدد المشاركين غير مهم حيث أنها فقط أداء واجب؟.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال