الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقوم برنامج الخصخصة على إسناد عملية التنمية للقطاع الخاص، فالقطاع الخاص مسؤول عن توفير التمويل مع مباشرة عملية البناء والتشييد ومن ثم تشغيل وتحويل المرفق للجهة الحكومية المتعاقد معها، وتعرف بمشاريع الخصخصة، وتسمى أيضا بمشاريع ال (PPP) يعني مشاركة القطاع العام والخاص في المشاريع، ولعقود مشاريع الخصخصة عدة أنواع مرتبطة بشكل أساس بعلاقة المستثمر بالطرف الأخر، ولكل دولة نموذجها الخاص المبني أساساً على بنيتها التشريعية والتنظيمية وآلية تنفيذها، لذلك نحن أمام علاقة بين أطراف ينتج عنها أنواع مختلفة من العقود كل عقد منتج لأثرقانوني مختلف عن العقد الأخر، والسبب في ذلك هو اختلاف أحوال وصفات المتعاقدين مع بعضهم البعض.
الصورة الأولى، أن يدخل المستثمر في علاقة مباشرة مع جهة حكومية لبناء وتشغيل وتحويل مرفق عام وهذا النوع من العلاقة يحمله نوع من العقود يسمى بعقود ال (BOT) وهذا النوع من العقود لا يوجد له قواعد خاصة تبين احكامه وشروطه وصوره على نحو متكامل في المرحلة الحالية، ولكن مع مشروع نظام المنافسات والمشتريات الذي سيطرح قريبا بإذن الله، ستعالج مثل هذه الثغرات، وسيطرح المشروع نماذج من تلك العقود تعين المستثمرين والجهات الحكومية على فهم حدود التزام كل طرف أمام الطرف الأخر وبشكل دقيق ومفصل، بل وترك المشروع مساحة جيدة للمتعاقدين في اقتراح طرق بديلة لفض المنازعات وهذه سابقة جيدة تحسب لهم.
والصورة الثانية من أوجه التعاقد، هي دخول المستثمر في عقد مباشر مع شركة مملوكة للدولة تملك حق الامتياز، وهذا وإن كان للوهلة الأولى يعطي انطباع على أن العقد هنا سيكون خاضع لأحكام القانون التجاري؛ لأنه شركة مقابل شركة، إلا أنه ليس على إطلاقه، فهو يصح مع بعض الشركات، ولا يصح مع أخرى؛ فهناك بعض الشركات الحكومية لازالت تخضع عقودها تحت سلطة وقواعد القانون الإداري مع العلم أنها شركة كما ذكرت، وهذا محل نظر؛ لأن الشركة ليست جهة إدارية، وامتلاك الدولة لكامل حصص الشركة لا يصيرها إدارية إلا عند بعض فقهاء القانون الذين اعتمدوا معيار الموضوع في تمييز العقد الإداري عن غيره؛ وفي المملكة نعتمد معيار الشكل، فلا وجه لإخضاعها لقواعد العقد الإداري، وهذا وضع غير مريح ويؤثر تأثير مباشر على المنافسة في المشروع لاسيما إذا كان المستثمر أجنبي؛ لأن توازن يتعرض لاضطراب وسيؤثر بشكل سلبي علىالمشروع.
الصورة الثالثة وهي أن يكون هناك عقدان الأول عقد بناء وتشييد وتحويل مع شركة حكومية لا تملك حق امتياز، والثاني عقد امتياز مع الوزارة (مالكة الشركة الحكومية)، وفي هذه الصورة يتم فيها بعد ترسية المشروع علىالمستثمر طلب توقيع عقد امتياز مع الوزارة، وهذا الوضع مشكل أكثر من الشركات الحكومية التي تخضع عقودها لاحكام العقد الإداري، لأنها جديدة ويعتريها الغموض؛ منها تعارض المصالح بين الأطراف، وضبابية حدود المسؤولية بينهما اتجاه المستثمر، وقد تتقاطع في المشروع نفسه قواعد القانون الإداري والتجاري في حال حدوث نزاع وهذا مربك ومعقد، ويجعل المستثمر بين كماشتي قانونين بمبادئ مختلفة وفي مشروع واحد!
ومما يمثل هذا الإشكال هو إلغاء عقد امتياز من مستثمر لنزاع وقع بين المستثمر والشركة الحكومية والتي بطبيعتها نتجت عن تعسف الشركة (من وجهة نظر المستثمر) في استعمال شرط إنهاء العقد من طرف واحد لسبب تأخر في المشروع جاوزت نسبة الغرامات فيه عشرة في المائة ومن دون النظر لحيثيات التأخر، وعليها فقس، وهذا مزعج ومرعب للمستثمر، وغيرها الكثير ليس هنا مجال سردها.
على أية حال المقصود مما سبق هو البيان للمستثمر تحديداً عن أوجه اختلاف العقود وأحكامها وقواعد تنفيذها وسبل حل نزاعاتها؛ فعقود مشاريع الخصخصة تختلف فيما بينها كما ذكرت عالياً، إما بسبب طبيعة المشروع، أو صفة الطرف الذي طرح المشروع، وقد يلعب اختيار الجهة الحكومية دور في فرض آلية بناء العقد والتي لا تكون بالضرورة الأمثل، وعلى ذلك وبعد ذكر ما سبق يستطيع المستثمر تحديد المخاطر مبكراً وبشكل دقيق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال