الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على مر الدورات الاقتصادية التي مرت بها بلادنا، لم يستفد قطاع من الدورات الصاعدة مثل ما استفاد قطاع المقاولات، وفي المقابل كان القطاع اكثر من يتأثر سلبا من الدورات الهابطة، ونجد هذا السيناريو يتكرر مع السنين بطريقة تكاد تكون مضحكة. والسبب في ذلك يعود الى سياسة ( الحلب) التي يمارسها القائمون على القطاع، وأقصد بالحلب استنزاف الشركات من كافة ارباحها أول بأول لتصبح الشركة هيكل عظمي يتساقط مع أول هبة ريح. فلا يتم اخذاحتياطات للظروف الصعبة و لا ما هم يحزنون. والنتيجة أما اقفال الشركة عن بكرتها، او ابقائها صوريا مع تسريح العمالة ودخولها في نفق اعادة جدولة قروضها مع المصارف وضخ مزيدا من الاموال من قبل المساهمين.
وأود ان اعلق على جزئية اعادة ضخ اموال من قبل المساهمين للإبقاء على الشركة. فعند التدقيق نجد ان ما يعاد ضخه من قبل المساهمين في الدورات الهابطة (متى اتخذ قرار الابقاء على الشركة) يعادل تقريبا نصف او اكثر بقليل مما تم توزيعه في الدورات الصاعدة، وهذا يعني ان الارباح المحققة تم توزيعها دون النظر والدراسة في المستقبل، وهذا الخلل يتكرر مرارا و تكرارا على مر الدورات.
وهذا السلوك الاعجوبه يتكرر بطريقة شبه دائمة ومع كل دورة. الا ان الملاحظ ان هناك مقاولون استطاعوا تفادي هذا بتكوين نموذج قوي يقوم على العمل وفق الحد الادنى من القروض والبعض القليل يعمل دون اي قروض ورأس المال العامل هو من اموال المساهمين 100٪. ورغم صعوبة تكوين هذا النموذج الا انه يبدو ناجحا على الرغم من اعتقادي انه بالامكان النجاح ايضا في ظل وجود القروض شريطة تفادي (الحلب) والأخذ في الاعتبار التقلبات الاقتصادية التي متى حدثت فإنها تحدث بحدة.
رغم ضخامة شركات المقاولات في العالم الا ان الملاحظ انها لا تخض لمعايير ملاءة اسوة بالبنوك، والسبب في ذلك يكمن في انعدام مصالح العامة فيها، طبعا جميعها تخضع للمعايير المحاسبية ولكن انا هنا اتكلم عن معايير للملاءة المالية وجودة العمليات وادارة المخاطر. الا ان القطاع في بلادنا يقوم معظمه على المشاريع الحكومية لنتنفيذ بنى تحتية، وهذ يجعل المصلحة العامة مربوطة بالقطاع ارتباط كلي.
وعليه فمن الحتمي تصنيف الشركات من الملائة المالية والعملية و وضع اسس لها لتتبع في ادارة مخاطرها اسوة بقوانين بازل للمصارف. ولا يمنع ان تصدر قوانين الرياض اسوة بقوانين بازل بهذا الخصوص، واهمية هذا تكمن في انها ليست شركات ملكية خاصة فقط بل هي في بلادنا مربوطة بالمصلحة العامة ايضا، وعملها في كافة الظروف الاقتصادية ضرورة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال