الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مطلع يناير 2017 كتبت مقالا بعنوان (المحاسب القانوني السعودي مهدد بالإنقراض) وحذرت في ذلك المقال من المصاعب التي يواجهها المحاسب القانوني السعودي والتي سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى إنقراضه في حال لم يتم دعمه بأنظمة تحسن من ظروف تخصصه وعمله .
مع ذلك كنت متفائلا جدا في ظل رؤية المملكة 2030 أن مهنة المحاسبة والمحاسبة القانونية في مقدمتها سوف تلقى الإهتمام الذي يليق بها كأحد أهم عوامل نجاح أي اقتصاد في العالم ، لكن على مايبدو أنني تفاءلت أكثر من اللازم ، فقد أُعلن مسودة نظام جديد للمحاسبين القانونيين سيُسمح فيه للمحاسب القانوني غير السعودي بالعمل في السوق السعودي بعد منع دام أكثر 26 سنة .
كان لنظام المحاسبين القانونيين الذي صدر العام 1992 ومنع فيه المحاسب القانوني غير السعودي من العمل في السوق السعودي أثر إيجابي في تحفيز المحاسبين القانونين السعوديين لفتح مكاتب محاسبة ومنافسة الشركات الأربع العالمية الكبار العاملة فيالسعودي . فقد بلغ عدد المكاتب 152 مكتب يعمل بها 250 محاسب قانوني سعودي بنهاية ديسبمر 2015 ، ونتيجة لتحفيز السوق وتحسين بعض الإجراءات النظامية ارتفع عدد المكاتب المحاسبية إلى 185 مكتبا حتى 18 مارس 2018 أي بزيادة 22٪ ، كما ارتفع عدد المحاسبين القانونيين السعودين حتى نفس التاريخ إلى 310 محاسبا قانونيا أي بزيادة قدرها 24٪ .
لكن في حال صدور التنظيم الجديد بالسماح للمحاسب القانوني غير السعودي بفتح مكتب محاسبة فذلك يعني إنقراض المحاسب القانوني السعودي قطعا وخلال مدة وجيزة . فكل المصاعب التي ذكرتها في المقال السابق ستصبح تسلية أمام ما ينتظره بعودة المحاسب القانوي غير السعودي للسوق . وأولها أن المحاسبين غير السعوديين العاملين في المكاتب السعودية سوف يخرجون منها لفتح مكاتبهم الخاصة معتمدين على معرفة السوق السعودي معرفة كاملة ومعرفة أدق أسرار المكاتب السعودية ، هذا فضلا عن المحاسبين الذين سيتوافدون على السوق من الخارج مستفيدين من ذلك القانون.
ونتيجة لذلك فسوف يعاني المحاسب القانوي السعودي والمكاتب السعودية الأمرين بل لن يستطيع الصمود في السوق إلا من له حظعظيم من علاقات (خاصة) أما البقية فإن زوالهم مؤكد .
ندرك حاجة السوق لعدد أكبر من مكاتب المحاسبة والمحاسبين القانونين بعد فرض ضريبة القيمة المضافة التي تلزم المؤسسات بقوائم مالية مصادقة من محاسب قانوني ، لحفظ الحق العام في الضريبة وحقوق المؤسسات. وندرك أن المكاتب المسجلة في السوق لاتستطيع تغطية كامل السوق بعد بلوغ الشركات والمؤسسات التي يجب اعتماد قوائمها المالية لما يقارب المليون مؤسسة وشركة . لكن فتح السوق للمحاسبين غير السعوديين بهذه البساطة ليس حلا لهذاالإشكال أبدا . فليس من الحكمة أن تتحمل الحكومة المليارات من أجل سعودة المهن البسطة جدا التي لاتمثل خطرا على الاقتصاد وتأتي بكل بساطة لتقضي على المهني السعودي في مهنة من أهم المهن في الاقتصاد على مستوى العالم بفتح العمل لغير السعوديةفيها دون قيود .
اعتقد أن مشكلة حاجة السوق لمزيد من المحاسبين القانونيين يمكن حلها بطرق أفضل من التراجع للوراء أكثر من 26 سنة ومحاربة المحاسب القانوني السعودي . من ذلك تخفيف شروط العمل في المحاسبة القانونية والتوسع في أعداد فروع المكاتب الموجودة ، ومنها السماح جزئيا للمحاسب القانوني غير السعودي بالعمل لكن ضمنآليات صارمة تضمن عدم المساس بمصالح المكاتب السعودية والمحاسب السعودي .
وبرأيي أن التنسيق قبل إصدار النظام مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين والأخذ بأراء المحاسبين القانونيين سينتج نظاما متوازنا يخدم الجميع ، فهم أقدر على تفهم حاجة السوق ومصالح المكاتب والمحاسبين .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال