الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لعله أمر فطري ومنطقي أن يسعى الأفراد لما يميزهم عن الآخرين ويعطيهم قيمةً تشعرهم بالرضا..إنه مطلبُ مباح ولكنً الاشكالية تكمن في منهج البعض ومسلكه لاكتساب هذه القيمة.
هنالك من يميًز نفسه بمكتسبات مادية من مقتنيات ثمينة أو نادرة أو ملفتة كالفاره من السيارات والمسكن والملابس والاكسسوارات والجوالات ويمتدُ الأمر لأرقام الهاتف وأرقام لوحات السيارات أو حتى أعداد المتابعين بالتطبيقات الاجتماعية.
المشكلة هنا في هذه القيمة المادية الشكلية أنها تجعل الإنسان يلهث وراء الماديات وتحديثاتها التي لا ولن تنتهي فالشركات المصنًعة تتفنن في إخراج النسخ الأحدث من كل منتج بمزايا جديدة تستنزف جيوب اللاهثين وراء التميز. القيمة المكتسبة هنا ليست حقيقية دائمة بل سراب قد يستدرج الإنسان لخطيئة الإسراف وهدر الأموال.
هنالك الكثيرون ممن يعتقدون أنً المال هو من يصنع القيمة “معاك ريال تسوى ريال, معاك مليون تسوى مليون”, ولا جدال حول ما يصنعه المال ولكنً أمثال هؤلاء قد يتخلون أحياناً عن قيمهم وأخلاقهم و قانون بلادهم في سبيل زيادة ثرواتهم..ولا شك أن حب المال من الفطرة البشرية ولكنً القضية تكمن في ما أنت مستعدُ لبذله في سبيل الحصول عليه!
هنالك من يسلك سبيل العلم ويسعى جاهداً لنيل الرتب العلمية التي تبرز مجهوده وتلفت الأنظار إليه, ولا شكً بتاتاً أن العلم يبني بيوتاً لا عماد لها, ولكن لا بدً من إخلاص النية وأن يكون علماً نافعاً يرضي الله ويفيد الناس! فئةُ أخرى تسعى جاهدةً لتمييز نفسها بطريقة سلبية وآثمة عبر اختلاق القصص وفبركة المواقف وتقمص الأقنعة للتقرب من أصحاب القرار بالشركات والكيانات المختلفة طمعاً بمنافع معينة! هذه الفئة قد تبهر الآخرين عند أول وهلة ولكن النظرة إليها من العقلاء تصبح سلبيةعند الحوار أو الاحتكاك من خلال المواقف فحبل الكذب قصير.
تختلف المجتمعات في معايير القيمة و على قدر ذلك الاختلاف تتباين في رقيًها ونتاجها الحضاري. فالأمم التي يسود فيها حب الشكليات ومظاهر الترف تجد لديها قصوراً في الابداع الجاد ونلاحظ عدم تقدير للانضباط والانجازات المؤثرة, إن المغالاة من قيمة المال كمحدد لقيمة الانسان ينشيء بيئةً مناسبةً للفساد المالي فتنتشر السقطات الأخلاقية حيث الرشاوي وشراء الذمم واحباط ذوي العلم والضمير. بينما الأمم التي تعلي من قيمة العلم والابداع والانتاج الفكري الراقي نجدها ذات تميز فكري وعلمي ينعكس على الانسانية كلها حيث نلاحظ معظم الاختراعات والابتكارات تأتي من هذه المجتمعات.
إنني أزعم أنً القيمة والتميز تكون بالمحافظة على توليفةٍ متوازنة من المكتسبات المادية والمعنوية مع التمسك بالبعد الديني والأخلاقي والقانوني..العلم والمال والمظهر اللائق والمكتسبات المادية المناسبة هي مكونات تكمًل بعضها ولا يلغي بعضها بعضاً. وعلى مستوى الشركات فأيلاء المسؤولية الاجتماعية حقها من الدعم المادي والمعنوي يضيف لقيمة الشركات بعداً أخلاقياً يدعم تميزها في توليد الأرباح لملاكها.
سواءاً على المستوى الفردي أو الكيان المؤسسي على الجميع تحليل شخصيته والتبصر بنقاط القوة والضعف والعمل على تدعيم القوي ومعالجة الضعف..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال