3666 144 055
[email protected]
يعتبر سوق القهوة من أسرع وأكبر الأسواق نمواً على مستوى العالم. وتشير بعض الإحصائيات أن استهلاك الفرد في أوربا فقط يقترب من 12 كيلوجراما من البن في العام. ويقدر الإنتاج العالمي للبن في 2017 -2018 بحوالي 158.78 مليون كيس ويبلغ حجم الكيس عادة 60 كيلو جراما تقريباً، ويُقدر تصدير القهوة العالمية بحدود 20 مليار دولار.
وقد تفاجأ محبوا القهوة حول العالم الأسبوع الماضي بخبر صادم يفيد أن القهوة تسبب السرطان وكان مصدر الخبر ولاية كاليفورينا بحيث أن أحد القضاة ألزم محلات القهوة في تلك الولاية بوضع تحذير يفيد خطورة المنتج على الصحة واحتمالية تسببه بمرض السرطان. انتشر الخبر عالمياً، أما محلياً فقد تم تحوير هذا الخبر بقصد أو بغير قصد بأن تم انشاء وسم على منصة تويتر عُنونت بوضع أسم لأشهر شركتين لدينا في سوق القهوة وأنها تسبب السرطان. وهذا بحد ذاته أعتبره أزمة تتعلق بإدارة السمعة لهاتين الشركتين وعلى حد علمي أنهما التزمتا الصمت حيال ذلك. وأعتقد أن ذلك التصرف هو أفضل الحلول في ظل المعطيات خلال تلك الأزمة. فالموضوع كبير ومتعلق بالصحة والمعلومات في أول ساعات ذلك الخبر غير واضحة ولا حاسمة.
نعود بالخبر لمصدره الأصلي وهو ولاية كالفورنيا وهذه الولاية معروفة بمدى صرامة أنظمتها القانونية فيما يتعلق بالغذاء والصحة منذ عام 1986. فمنذ ذلك العام طُلب من الشركات نشر تحذيرات حول بعض المواد الكيميائية التي يُعرف أنها تسبب السرطان أو مخاطر صحية أخرى فهناك أكثر من 900 مادة مدرجة على قائمة الولاية حتى اليوم. وأحد تلك المواد هي الأكريلاميد وهي مادة تتكون عادة من تعرض بعض الأغذية للحرارة الزائدة. فالكاربوهيدرات مثلا تحتوي على تلك المادة حين تتعرض للحرارة الشديدة سواء بالقلي أوالتحميص أو الشواء كذلك. فالبطاطس المقلية ورقائق البطاطس والخبز المحمص وغيرها من الأغذية تحتوي على تلك المادة ويتم التعرف على وجودها لعامة المستهلكين بوجود اللون الأسود (الحرق) على تلك الأغذية. أما في القهوة فوجدت هذا المادة حينما تتعرض حبوب القهوة للتحميص الشديد فيصبح لونها غامقاً جداً. فكلما زاد اغمقاق حبات القهوة زاد وجود هذه المادة.
من الملاحظ أنه في السنوات الأخيرة ظهرت كثير من الأبحاث الطبية التي نشرت في أشهر المجلات الطبية مثل مجلة جمعية القلب الأمريكية والتي تفيد عن مدى فاعلية القهوة خصوصاً السوداء في الحماية من عدد من الأمراض مثل أمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة. وإني على شبه يقين ومن حس تسويقي محض أن الممول لتلك الأبحاث هي شركات القهوة العالمية. وأعتقد أنه من البديهي في مواجهة تلك الأزمة أن يتم مناقشة تلك القضية في برامج وصحف ومجلات شهيرة بحيث يتم التركيز على مايخص الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية الشهيرة ومقابلة أثقلهم وزناً من الناحية العلمية لإعادة التذكير بنتائج الأبحاث “الموثوقة” والتي تبين صلاحية القهوة للإستخدام بل وفوائدها المثبته علمياً.
خلاصة القول، من الممتع أن نراقب ردة فعل تلك الشركات في الولايات الأمريكية جراء تلك الأزمة. وأعتقد أنها ستكون حالة دراسية جيدة لمعرفة تصرفات كبريات الشركات في مواجهة الأزمات. ومن تلك الحالات نحن تعلم ونحلل ونقيس.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734