هل تملك الجمعيات العمومية الحق في إلغاء الإدراج؟

الغاء الإدراج من السوق المالية ممارسة متبعة في اسواق المال العالمية، وخصوصا في القطاعات العالية التنافيس، وفي القطاعات التي تشهد تغيير جذري في آلية الأعمال (كقطاع التعدين مثلا)، او في الشركات التي تشهد إعادة هيكلة حادة تشمل تغيير نشاطها الأساسي، او في اي شركة يعتقد ملاكها ان الإفصاح قد يضعف من قدرتها التنافسية بصفة عامة، و في حالات ايضا يلغى الإدراج و تفكك الشركة وتباع اصولها الملموسة والغير ملموسة.

ولإلغاء الإدراج اما ان يتم التصويت على ذلك ومن ثم رفع الأمر للهيئة المالية المشرعة او المنظمة، أو تتم عملية استحواذ على كامل الأسهم في السوق، سواء تم ذلك بعرض شراء يعرض على الجمعيات للتصويت أو تتم بشراء مباشر من السوق، ومن ثم ايضا تعرض على الهيئة المالية المشرعة للموافقة او عدمه وفق قوانين وشروط واضحة للجميع. 

في سوقنا المالية هناك قطاعات حادة جدا في مستوى التنافس بها، كقطاع التأمين مثلا. ومستوى الإفصاح قد يتطلب الإعلان عن عقود معينة بطريقة يمكن للمنافس تخمين سعر العقد. وبعض الشركات على سبيل المثال، وحيدة في نشاطها في السوق، الا ان التنافس خارج السوق المالية فيها حاد جدا، والإدراج يجعل من الحتمي عليها الإفصاح عن عقودها، وهذا يجعل الإدراج يبدو لوهلة على انه عبئ ثقيل عليها امام منافسيها من خارج السوق. 

وهناك شركات نشطة في مجالات الإستحواذ و وجودها في السوق يجعل من الحتمي عليها الإفصاح ومن ثم قد يصعب هذا الأمر عليها وخصوصا امام منافسيها، والأمثلة كثيرة جدا على مثل هذا. ولكن السؤال الذي يطرح، ماذا لو تم طرح خيار التصويت على الغاء الإدراج؟ وماذا لو تم تلقي عرض استحواذ من شركة تنوي الغاء الإدراج؟ هل ستوافق الجمعيات العمومية على هذا الخيار اذا قدم ما يكفي لإثبات المصلحة في ذلك؟.

الحقيقة ان موافقة الجمعية العمومية على هذا الخيار لا تكفي، اذ لا بد من موافقة هيئة سوق المال بعد ان تقتنع ان في ذلك مصلحة لمساهمي الشركة بعد تقديم ما يكفي لإثبات المصلحة. وحقيقة لا أعلم عن شركة مساهمة تقدمت لمثل هذا الطلب في سوقنا المالية منذ تأسيسه، ولكن ينبغي توقع مثل هذا خلال السنوات المقبلة مع تطور سوق المال ومع زيادة وعي المستثمرين لكل ما يحقق مصالحهم ولو كان ذلك يعني الغاء الإدراج، خصوصا وان هذا يحدث بإستمرار في كافة اسواق المال في العالم. 

الغاء الإدراج خيار يجب ان يضل قائما ونصب اعين المساهمين، خصوصا اذا كان يحقق مصلحة، ففي نهاية المطاف الشركات كيانات ربحية، وما يغلب على الظن نفسه وتعظيمه للأرباح، بعد الدراسة والتفحص، يجب ان يكون خيارا قائما.