الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كنت في غبقة رمضانية مع بعض الأخوة و الأحبة نتشارك الحديث حول اهتماماتنا المجتمعية. و قد تطرقنا إلى الحديث حول رؤية السعودية 2030، و كلٌ أدلى بدلوه من وجهة نظره، التي تحترم و تقدر بلا شك. لكن المثير للدهشة و اللافت في نظري، هو أن معظم المتواجدين يختزلون نجاح أو فشل الرؤية في موضوع واحد أو عدد قليل من الموضوعات، و يتم تجاهل باقي الأهداف الاستراتيجية المذكورة في وثيقة التحول الوطني 2020، والتي بلغت 178 هدفاً، تشارك بها 24 جهة حكومية، ويتم مراقبة الأداء من خلال 371 مؤشر!
أحد الأصدقاء يرى بأن نجاح الرؤية مرتبط فقط في حل مشكلة الإسكان، إن تم حل هذه المشكلة فالرؤية بلا شك رائعة و ناجحة. صديق آخر، يعتبر نجاح الرؤية تكمن في حل مشكلة البطالة، و هكذا!
مشهد كهذا يتكرر، بكل أسف في مجالسنا. لكن المحزن في الأمر أن معظم الأشخاص لم يطلعوا على وثيقة الرؤية و ليس لديهم تصور شامل عن تفاصيلها و ما تصبو إليه. المصادر عندهم هي من حديث المجالس و وسائل التواصل الإجتماعي، و كلاهما غير موثوقة! مع إشادتي بكل نقاش ثري و صحي و حضاري بغض النظر عن الإختلاف في وجهات النظر.
وهذا الأمر يطرح تساؤل مهم، أين الخلل في عدم المعرفة؟!
وقد قرأت بحثاً منشوراً في جامعة هارفرد عن خطورة الإشاعات حيث يؤكد أن الإشاعات تنتشر بشكل أكبر و أسرع من الحقائق! هذا المشهد الآخر يؤرقني بإستمرار! إذ لا يسأم الأعداء من محاولة النيل من الوطن و المواطنين بأي وسيلة كانت، و للأسف يساعدهم بعض الجهلة بإلتقاط كل ما هو مريب و شاذ و يقومون بنشره، و يتجاهلون النجاحات التي يواصل الوطن و أبناؤه تحقيقها. و هذا بلا شك لا يعني أننا معصومون من الخطأ، أو أن النقد غير مرحب به، بل بالعكس كل نقاش عقلاني و موضوعي مبني على احترام وجهات نظر الآخرين هو مرحب به.
ما أكثر المتحدثون و المشاركون في أي موضوع سواءاً أكانوا من ذوي الإختصاص أم لا! لكن الأشخاص الذين يحملون فكراً ثرياً، و رصانة في الحديث، و حجة في الإقناع، و سهولة في إيصال المعلومة عددهم قليل جداً، بإعتقادي!
و الإعتماد على ما يُدعون بالمشاهير أو المؤثرين لحضور الفعاليات و نشرها أثبت عدم فاعليته و كفاءته! و قد رأينا مؤخراً تواجدهم و تغطياتهم في كأس العالم. تابعت الكثير منهم و لم أستطع فهم الهدف من هذا التواجد، أو رسالتهم أو برنامجهم في هذا المحفل!
كل ما سبق طرحه من إشكاليات في التواصل و الفهم قد تؤدي إلى تعطيل مسيرة التنمية. و هذا الأمر يقودني إلى إقتراح أرجو أن يسهم في هدم هذه الفجوة.
ذكرت في مقالي السابق “عوامل نجاح إدارة التغيير” في صحيفة الْيَوْمَ، بعض النقاط التي أرى أهميتها لنجاح أي تغيير بشكل عام، و الرؤية بشكل خاص.
لكني أودّ اليوم أن أقترح مشروع “سفراء الوطن”! بكل بساطة هو برنامج يقوم على اختيار شباب و شابات من خيرة أبناء الوطن من خريجي الجامعات، ممن لديهم روح المبادرة و الالتزام. تقوم الدولة بتدريبهم على المهارات اللازمة، مثل: قيادة التغيير، التواصل الفعّال، العلاقات العامة، العلاقات الدبلوماسية، التسويق، التخطيط الإستراتيجي، الإعلام، مهارات التفكير النقدي، كما تقوم الجهات المعنية تزويدهم باستمرار بالمعلومات الكافية عن الأداء الحالي و الخطط المستقبلية لأجهزة الدولة.
مهمة سفراء الوطن تكمن في قيادة التغيير و إيصال المعلومة اللازمة داخلياً و خارجياً بطريقة صحيحة، ليصبحوا واجهة مشرقة و مشرفة للوطن، من خلال وسائل متعددة، مثل: التواصل الاجتماعي، الصحف، اللقاءات التلفزيونية، ورش العمل مع طلبة المدارس و الجامعات، مجالس المناطق، و في مجتمعهم. و يكون هذا التواصل مبني على أسس و يتم تنفيذه بطريقة منظمة و منهجية، يساعد في وضعه المختصون لتحديد ماذا يقال؟ و أين؟ و متى؟ و لمن؟ لضمان تحقيق الغاية المرجوة.
و بذلك سنقوم بتعزيز جبهة داخلية ضد أعداء الوطن، وسنقوم كذلك بوضع قاعدة صلبة تضمن نجاح أي تغيير.
المتغيرات السريعة في وطننا، و ما يحدث حولنا، و يحيط بِنَا من أخطار، يستوجب فكر و عمل مغاير، أرجو أن نتحرك سريعاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال