الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الآثار السلبية للإصلاحات الاقتصادية متوقعة ، وكلما كانت تلك الإصلاحات كبيرة كانت آثارها الإيجابية والسلبية كبيرة أيضا . ورؤية السعودية 2030 شملت كثير من الإصلاحات المؤلمة على مستوى الأفراد والمنشآت الاقتصادية .
فعلى مستوى الأفراد بدأ المواطن السعودي يتكيف قليلا مع تلك الإصلاحات التي كان تأثيرها السلبي واضحا على حياته ، بدعم من حساب المواطن ودعم رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وبترشيد النفقات الأسرية .
والمنشآت الكبيرة اتخذت بعض الإجراءات لخفض نفقاتها الثابتة والمتغيرة ، مثل غلق بعض الفروع ، وتقليص أعداد الموظفين وغيرها من الإجراءات التي ساعدتها على تحمل ضغط التباطؤ الاقتصادي .
أما المنشآت الصغيرة فليس لديها مساحة كافية من المناورة ، فأي إجراء تقوم به تلك المنشآت إما ليس له أثر على خفض النفقات ، أو أن تكون أثاره السلبية على عمل المنشأة أكبر من أثاره الإيجابية في خفض التكاليف .
فالمنشآت الصغيرة تعاني على ثلاث مستويات ، وجميعها تضغط باتجاه افلاسها وتصفيتها : أولا الرسوم الحكومية المختلفة ، والضرائب التي يجب أن تتحملها المنشأة عنها وعن العمالة الوافدة التي تعمل في تسيير أعمالها . وتلك المبالغ الشهرية والسنوية تكاد تذهب بكل عوائد المنشأة ، بحيث يصبح العمل غير مجدي اقتصاديا .
العامل الثاني الذي فاقم من مشاكل المنشآت الصغيرة برنامج السعودة حسب طاقات وبرنامج قصر بعض الأنشطة الاقتصادية على السعوديين . فمن جانب يرفض معظم الشباب السعودي العمل في تلك المنشآت الصغيرة مبدئيا ، وتعاني تلك المنشآت في إيجاد السعودي الذي يقبل بالعمل معها . ومن يقبل منهم بالعمل فيها يرفض القبول بالراتب الذي غالبا لا يتعدى 3000 ريال ، والذي لا تستطيعه معظم المنشآت بدون دعم صندوق الموارد البشرية ، وأي زيادة عن هذا المبلغ يعني زيادة معاناة المنشأة ماليا .
والأسوأ أن بعض الشباب السعودي الذي يقبل بالعمل في تلك المنشآت لا يستمر فيها طويلا ، فمعظمهم يترك العمل قبل إكمال ستة أشهر ، وهذا يربك عمل المنشأة في جانب الإنتاج والعمل ، ويرهقها للبحث عن عمالة بديلة . وقد تلجأ بعض المنشآت لتفادي هذه المعضلة إلى توظيف السعودي مع الإبقاء على العمالة الوافدة لتفادي تعطل العمل ، وهو ما يرهقها ماديا بصورة لا تستطيع معها البقاء في السوق .
أما أخر العوامل المؤثرة في المنشآت الصغيرة وكل المنشآت بكافة مستوياتها ، لكن أثره على المنشآت الصغيرة مضاعفا هو التباطؤ الاقتصادي الذي يكاد يقترب من الركود ، وذلك التباطؤ الناجم عن خفض النفقات الحكومية بتقليص عدد المشاريع الحكومية ، وخفض المجتمع لنفقاته لمواجهة الإجراءات الإصلاحية . حيث أدى ذلك التباطؤ إلى تراجع العوائد لتلك المنشآت إلى مستويات مؤلمة جدا ، جعلها غير قادرة على تحمل التكاليف المتزايدة باستمرار ، فضلا عن تحقيق أرباح مجزية .
كل تلك العوامل العامة وبعض العوامل الخاصة لبعض المنشآت الصغيرة أدى ويؤدي يوميا إلى خروج أعداد كبيرة منها من السوق ، وتصفية أعمالها وإغلاقها .
هنا يجب التفريق بين نوعين من تلك المنشآت : أولا المنشآت التي يمتلكها غير السعودي ، وتعمل تحت غطاء التستر ، فتلك لا أسف على خروجها من السوق ، بل إن خروج معظمها مفيد جدا للاقتصاد . والغريب أن غالبية المنشآت من ذلك النوع لم تعاني كثيرا من الإجراءات الإصلاحية ومازالت قادرة على الاستمرار والعمل بسبب انخفاض تكاليفها المتغيرة وخصوصا الرواتب والأجور .
والمنشآت الصغيرة التي أعنيها بهذا المقال فهي تلك التي يمتلكها ويديرها السعودي وتمثل دخله الوحيد ، فهذا النوع من المنشآت تعاني كثيرا من الإصلاحات الاقتصادية ، وقد خرج عدد كبير منها من السوق أو في طريقها للخروج مالم يتم تداركها .
ولابد من تدارك تلك المنشآت بتخفيف آثار الإجراءات الإصلاحية عنها ، وخصوصا فيما يتعلق برسوم العمالة الأجنبية ، وإعادة تقنين برامج السعودة المتعلقة بها .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال