الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عام 2015م، انضمت الهند إلى فرنسا لإطلاق التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA)، وهو مسعى تعاوني لتسهيل انتشار واعتماد الطاقة الشمسية. وهذا التحالف الذي يتخذ من الهند مقراً له، هو بوابة مفتوحة أمام 121 دولة في منطقة غنية بإشعاع الشمس. وتشكل هذه البلدان مجتمعة التي انضمت 68 منها إلى التحالف حتى الآن – حوالي ثلاثة أرباع سكان العالم، ولكنها تمثل 23 في المائة فقط من الطاقة الشمسية العالمية، ومعظمها دول فقيرة أو متوسطة الدخل. وستوفر المنظمة التي عقدت قمتها الأولى في شهر مارس من هذا العام فرصة لدولة الهند، ليس فقط لإظهار معرفتها بتوسيع الطاقة الشمسية، ولكن أيضا لتأكيد قيادتها في العالم النامي.
ولو عدنا قليلاً إلى التاريخ؛ منذ حصولها على الاستقلال في عام 1947م، تطمح الهند إلى أن تكون رائدة في العالم النامي. لذلك اعتمدت استراتيجيته لتحقيق هذا الهدف تقليديًا على ما يسميه جوزيف ناي العالم السياسي “القوة الناعمة” وهي: (ممارسة التأثير من خلال الجذب بدلاً من الإكراه). لذلك استغلت الهند إرث حركة الحرية اللاعنفية لزيادة نفوذها في الخارج، خاصة بين المستعمرات المستقلة حديثًا في إفريقيا وآسيا – خلال العقود الأولى بعد استقلالها. وبعد تحويل تركيزها إلى تحرير التجارة والتكامل مع الاقتصادات المتقدمة على مدى ربع القرن الماضي، تحاول الهند اليوم مرة أخرى أن تحقق نجاحاً مع الدول النامية، لكن باستخدام الطاقة الشمسية هذه المرة.
وفي إطار التحديات، نجد أن تحالف ISA لا يتطلب التزامات ملزمة من الأعضاء، ولا يهدف إلى صرف كميات كبيرة من التمويل. وبدلاً من ذلك، فإن التحالف يعترف بالتحديات التي ما زالت البلدان ولا سيما البلدان الفقيرة تواجهها في اعتماد الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، لا يزال تمويل بناء البنية التحتية الشمسية يشكل عقبة رئيسية أمام البلدان النامية، حيث يمثل ما يصل إلى 75 في المائة من إجمالي تكاليف المشروع في بعض الحالات. كما أن تكاليف بعض التكنولوجيا المطلوبة لتوليد واستخدام الطاقة الشمسية، مثل تكنولوجيا التخزين تعتبر باهظة الثمن، على الرغم من الانخفاض المستمر في الأسعار. علاوة على ذلك، قد يكون سوق الطاقة الشمسية في الدول الصغيرة محدودًا للغاية ولا يستطيع جذب المستثمرين. وللتغلب على هذه العقبات، يقترح تحالف ISA تجميع موارد مثل الخبرة الفنية والمعرفة السياسية؛ من أجل الابتكار والبحث والتطوير والاختبار ومراقبة الجودة والشهادات، إلى جانب الطلب على الطاقة الشمسية نفسها بين أعضائه، وبالتأكيد هذا الذي يحتاج إليه السوق.
والآن استولت الهند على الطاقة الشمسية كأداة لممارسة القوة الناعمة لعدة أسباب. أولاً، تتمتع الهند بخبرة مباشرة في فقر الطاقة وتفهم حاجة الدول الأخرى ذات الموارد المحدودة للوقود. ومن ناحية أخرى، تعد الهند موطناً لواحد من أكبر وأنجح أسواق الطاقة الشمسية في العالم. وقد قامت بتوليد 23 جيجاوات من الطاقة الشمسية (بما يكفي لتشغيل أكثر من 16 مليون منزل) في غضون حوالي أربع سنوات باستخدام سياسات تعتمد في الغالب على قوى السوق، وليس على الدعم. ويتصدر القطاع الخاص في الهند صناعة الطاقة الشمسية المحلية ويضم بعض الشركات الكبرى ذات الخبرة العميقة في هذا المجال. وبما أن البلاد تفتقر إلى القدرة الاستثمارية التي تستعين بها الصين في الشراكات الدولية الناشئة من خلال طريق الحرير الجديد (BRI)، فإن خبرتها في مجال الطاقة الشمسية قد تكون أفضل رهان على إقامة علاقات تجارية وسياسية مع العالم النامي.
حالياً؛ الهند توجه الجهود نحو بناء قاعدة شمسية تعزز مكانة الهند كمحور عالمي للطاقة، وفي الوقت نفسه تعزز بصمتها الناشئة في قطاع الطاقة المتجددة من خلال زيادة التصنيع المحلي لمكونات الطاقة الشمسية للسوق المحلية. كما أنها أصبحت تصدر شركات المقاولات المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا. وقد التزمت الهند وفرنسا بأكثر من 2 مليار دولار أمريكي لتمويل مشاريع الطاقة الشمسية في البلدان النامية. وهذا برأيي أمر مهم جداً لأن المال لديه القدرة على توسيع نطاق تكنولوجيا الطاقة الشمسية بشكل كبير في هذه الدول، وإن الحكومات يجب أن تركز على إزالة الحواجز التي تبطئ نمو الطاقة المتجددة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال