3666 144 055
[email protected]
مقال الأسبوع الماضي كان عن مشكلة الصناعات في المدن الصغيرة مع النقل ، والواقع أن المجتمع بأكمله لديه مشكلة مع النقل ، بل ربما كانت مشكلة النقل المشكلة الأكبر في المجتمع السعودي ، والتي منها تشعبت الكثير من المشاكل الأخرى .
بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة علق الكثيرون على هذا القرار آمالا كبيرة جدا أكبر بكثير مما يحتمل ، وخصوصا في جانب حل مشاكل الأسرة مع النقل وتحديدا المرأة العاملة ، وكأّن منع قيادة المرأة للسيارة السبب الوحيد في مشاكل النقل ، في حين أن هذا الجزء لم يكن إلا حبة الكرز على الكيكة الكبيرة .
معظم النساء العاملات مازلن بحاجة السائق الخاص ، ليس لأنهن لا يعرفن القيادة ، أو لأن لديهن موانع اجتماعية تمنعهن من قيادة السيارة ، أو موانع نظامية بعدم حصولهن على رخصة قيادة ، أو اقتصادية بعدم قدرتهن على شراء سيارة ، بل لظروف القيادة في الطرق . مثل المسافات البعيدة جدا كالمعلمات اللاتي يعملن في المناطق النائية ، فبعضهن يقطعن ما يقارب 300 كيلومتر ذهابا ومثلها إيابا وربما أكثر.
حتى داخل المدن القيادة صعبة جدا وخطيرة ، بسبب الزحام الشديد ، وسوء قيادة كثير من السائقين في طرقنا وعدم التزامهم بالأنظمة المرورية . ليس ذلك فحسب فتباين احتياجات الأسرة في التنقل يجعل من المستحيل على المرأة والرجل معا تغطيتها والقيام بها ، فهناك من يريد المدرسة الابتدائية للبنين في الحي المجاور ، وثانية تريد ثانوية البنات في الحي البعيد ، ومن يريد العمل البعيد جدا وهكذا . لذلك قيادة المرأة ليست حلا لمشكلة النقل ولن تكون حلا حتى بعد تعود المجتمع على قيادتها وتقبلها والسماح لها .
مشهد من دولة متقدمة ، أطفال ينتقلون على أقدامهم أو بالدراجة من منازلهم لموقف الباص القريب من بيوتهم والذي يأخذهم لمحطة القطار البعيدة قليلا ، ومن تلك المحطة ينتقلون لمدرستهم البعيدة عن المنزل ، حيث يأخذهم الباصمن المحطة للمدرسة أويسيرون على أقدامهم بكل بساطة . كل وسائل النقل مهيئة لذلك الطفل ليصل من بيته لمدرسته والعكس بكل يسر ، السير على الأقدام أو بالدراجة على الأرصفة المجهزة ثم الباص الذي ينقله لأقرب محطة قطار من بيته الذي ينقله إلى مدرسته التي تبعد عن بيته بعشرات الكيلو متر .
نحن نستحق مثل هذا المشهد في ظل رؤية السعودية 2030 التي باتت حلم للشعب السعودي لتصحيح كثير من الامور وتحقيق رفاهية تضاهي رفاهية أرقى شعوب العالم ، خصوصا أننا ننفق على البنية التحتية وتحديدا المواصلات ما يضاهي نفقات تلك الدول ، وربما أكثر . لا أرى أسبابا جوهرية تبرر كل هذا التأخير في تفعيل وسائل النقل العام داخل وخارج المدن بما يسهل التخلي عن وسائل النقل الخاصة .
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734