3666 144 055
[email protected]
لقد احتل النفط مكانًا مركزيًا في الاقتصاد لكثير من الدول النفطية، مما ساهم بشكل رئيسي بتطوير البنية التحتية وبناء المدن والمصانع وخلق الوظائف. ونتيجة لذلك، حصدت شركات النفط مليارات الدولارات من أعمال الحفر والتكرير والنقل والتوزيع لسنوات طويلة، وهي مستمرة في القيام بذلك. ولكن في الوقت الراهن، نجد أن شركات النفط والغاز بدأت تتصارع بشكل علني خوفاً من المستقبل، حيث أن تطورات سياسة تغير المناخ ودخول مصادر الطاقة المتجددة والرفع من كفاءة استخدام الطاقة سيجعل من النفط أقل هيمنة بشكل تدريجي، وقد يؤثر على كثير من أعمال الشركات ذات العلاقة.
نشر في تقرير شركة (British Petroleum) السنوي عن الطاقة، إنها تتوقع أن يبلغ الطلب على النفط ذروته في العقدين المقبلين مع نمو الطاقة المتجددة وانتشار مئات الملايين من السيارات الكهربائية. كما صرحت أيضاً شركة (Exxon Mobil) بأن ذروة الطلب على البنزين ستكون في العقود القريبة القادمة، وأن بعض أصولها الحالية قد لا تكون استثمارات جذابة نتيجة لسوق الطاقة المتغيرة.
قد تبدو هذه التغييرات غير دقيقة عند البعض، فالمحللين والاقتصاديين الكبار ناقشوا موضوع ذروة إنتاج النفط Peak of oil production لفترة طويلة، بالإضافة إلى ما يسمى بنظرية M. King Hubbert: وهو عالم جيوفيزيائي من شركة شل، قام بدراسة علمية عن أن إنتاج النفط في منطقة معينة من شأنه أن يقترب من منحنى الجرس، ويزداد خلال المراحل المبكرة من الإنتاج قبل أن يتباطأ في النهاية، ليصل إلى الذروة ثم إلى الانخفاض والإنتاج النهائي. لكن باعتقادي أن موضوع ذروة الطلب Peak of oil demand أهم بكثير، حيث أن هناك إشارة إلى تحول ملحوظ في الاتجاه لصناعة ظلّت لسنوات تقاوم كثير من التحديات. ولقد ازداد الاعتراف بالانتقال في مجال الطاقة خلال العام الماضي مع لاعبي النفط والغاز، حيث أن منهم من لا يعترف بفكرة الاحتباس الحراري، لكن في المقابل نجد أن غالبيتهم يعترفون بدور انتقال الطاقة وتأثير ذلك على محفظتهم الخاصة.
أما المستقبل فإنه يشير إلى أن التغير الأكبر لشركات النفط والغاز سيكون بانخفاض الحاجة إلى النفط لتشغيل المحركات، حيث تصبح السيارات الكهربائية أكثر انتشارًا والسيارات المتبقية ستصبح أكثر كفاءة من ذي قبل. وتوقعت شركة (Exxon Mobil) هذا العام أن الطلب على الوقود السائل لمركبات الركاب من المرجح أن يصل إلى الذروة بحلول عام 2040م. وتشير تقارير شركة (British Petroleum) إلى أن العدد الإجمالي للسيارات الكهربائية قد يصل إلى 300 مليون بحلول عام 2040م، وهو ما يمثل ضربة كبيرة لاستهلاك الوقود على مستوى العالم.
كما تواجه شركات الوقود الأحفوري منافسة متزايدة من قبل مصادر الطاقة المتجددة. وتتوقع شركة (Exxon Mobil) نمواً بنسبة 400% في طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2040م، بينما تقول شركة (British Petroleum) أن الطاقة المتجددة ستشكل 40% من نمو إنتاج الطاقة في الفترة نفسها. لكن على الرغم من التحديات الهائلة، تصر شركات النفط والغاز على أن يكون لها دورًا أساسيًا في مستقبل الطاقة، من حيث الاستحواذات وتطوير نماذج أعمال مواكبة لتحركات السوق، وإنشاء البنية التحتية لمنصات الشحن.
من وجهة نظري وعلى حسب التقديرات، أنه سيستمر الطلب على الغاز الطبيعي بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، والتي تتخذ دوراً فعالاً في استبدال حصة الفحم في قطاع الطاقة. ويبقى النفط منتجًا أساسيًا للبتروكيماويات ووقود الطائرات والمنتجات النفطية المكررة الأخرى. ولا يمكن غض النظر عن الدور الذي تقوم به الشاحنات وقطاع الشحن في دفع الطلب. وأن الشحن العابر أو البحري أمر بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي وحاجته إلى النفط مستمرة. أو كما يقول سبينسر ديل؛ كبير الاقتصاديين في شركة (British Petroleum)، “بمجرد أن يبدأ الطلب على النفط في النمو، فمن غير المرجح أن ينخفض بشكل حاد. لذا، فإن الطريقة الأفضل للتفكير في مستقبل الطلب على النفط هي الوصول إلى مستوى الهضبة وليس الذروة”.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734