علي بابا والتعاقب الوظيفي

في اليوم العاشر من الشهر الجاري أعلن جاك ما الرئيس التنفيذي لشركة علي بابا عن اعتزامه التخلي عن منصبه و ترشيح دانيال تشانغ لخلافته على ان تتم عملية الاستلام والتسليم خلال عام واحد أي 10 سبتمبر 2019م.

السيد جاك بنى امبراطورية علي بابا قبل عشرين سنة برأس مال لا يتجاوز 60 الف دولار وابدع قصة نجاح شهد العالم فصولها الملهمة لتبلغ قيمة الشركة حاليا 420 مليار دولار بعد خيبات أمل متعددة لم تنحصر في رفض طلب توظيفه من اكثر من 30 شركة حتى أن طلبه كان الوحيد المرفوض من شركة كنتاكي عند افتتاح اول فرع لها في الصين بعد ان تقدم للتوظيف فيها 24 متقدم جميعهم تم قبولهم الا جاك ! وكرر محاولاته للخروج من مأزق وظيفته كمعلم للغة الإنجليزية براتب متواضع لا يتجاوز 15 دولار شهريا. ولكن محاولاته المتكررة الفاشلة هي التي صنعت إصراره على النجاح كما يكرر دائما.

رغم تربعه على عرش التجارة الالكترونية ودخوله نادي اغنى اغنياء العالم بثروة تبلغ 40 مليار دولار إلا أن إعلانه الأخير التنحي عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة علي بابا ليس بغريب على حنكته الإدارية وبعد نظرته القيادية. فقد بدأ السيد جاك ما بإعداد خليفته دانيال تشانغ قبل 5 سنوات و تحديدا في عام 2013 حيث عينه كمدير تنفيذي في الشركة وتولى مهمة إعداده ومساندته وتدريبه طوال الخمس سنوات الماضية وإضافة سنة أخرى فقط لتسلم المهام تتناسب مع ضخامة شركة بحجم امبراطورية علي بابا.

التعاقب الوظيفي – رغم أهميته – واعتباره من المسلمات في الشركات العالمية الكبيرة والصغيرة على حد سواء لكونه الضمانة الأولى لاستدامة الاعمال والحفاظ على مكتسبات الإنجازات التي حققتها تلك الشركات، إلا أنه مازال بعيدا عن رادار اهتمامات معظم الشركات المحلية و الإقليمية و العربية بشكل عام.

التعاقب الوظيفي او الإحلال الوظيفي هو عملية استراتيجية منظمة ومحكمة، تضمن استمرار وجود موظفين مؤهلين ولديهم الكفاءة والقدرة على شغل الوظائف القيادية و الهامة في المنظمة. ويتطلب نجاح خطط الإحلال / التعاقب الوظيفي أن يتم التركيز من الأساس على تعيين الكفاءات المتميزة وبعد ذلك، وجود مسار تدريبي يتسق مع المسار المهني للكفاءات المتميزة ومن البديهي ان الامر يتطلب أيضا وجود برنامج مزايا و تعويضات للحفاظ على الكفاءات على المدى المتوسط والطويل.

شيء يدعو للفخر ان تسابق القيادة الحكومية القطاع الخاص في العمل بمبادىء التعاقب الوظيفي تطبيقاً قبل أن يكون تنظيراً، فما وجود منصب نائب الوزير و منصب نائب امير المنطقة التي تم استحدثها مع إعادة هيكلة الوظائف القيادية الحكومية الا دلالة واضحة على أن وجود كفاءات قادرة على استلام دفة القيادة هو متطلب أساسي لاستدامة البناء و التنمية لتحقيق رؤية المملكة 2030.