الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
السير في نفس الطريق سيوصل لنفس المكان.
ما فعلته وزارة العمل في المبادرات الثمان وستين التي أعلنتها الأسبوع الماضي أنها وسعت الطريق الذي مشت فيه من قبل . حتى أنها استخدمت كلمة (التوسع) في إعلان المبادرة عدة مرات . لذلك لا نعتقد أن النتائج ستختلف عن السابق كثيرا .
توقعت في مقال الأسبوع الماضي أن تؤدى المبادرات إلى رفع معدل التوظيف بشكل سريع في القطاع الخاص ، وخفض معدل البطالة خلال الربع الرابع لهذا العام أو المحافظة على نفس المعدل دون زيادة . وستستمر تلك النتائج الإيجابية طالما استمر الدعم بنفس وتيرة التوسع المعلنة ، لكن أثر المبادرات على معدل البطالة لن يكون كبيرا كأن ينخفض إلى 10٪ خلال الربع الأول من العام القادم .
القطاع الخاص هش وغير قادر على التوسع والنمو بعيدا عن الإنفاق الحكومي ، والدعم المباشر الذي تعود عليه عقود طويلة وتحديدا المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تستحوذ على النسبة الأكبر من سوق العمل ؛ لذلك لن تكون قادرة على توظيف السعوديين برواتب مجزية دون دعم .
والمتوقع أن يكون دعم التوظيف محدود المدة لكل منشأة وموظف ، فإذا توقف ستواجه المنشأة مشاكل كبيرة مع موظفيها السعوديين . أولا لأن معظم المنشآت لن تستطيع الاستمرار في تقديم نفس الراتب المجزي للموظف . وإن لم تستطع المنشأة خفض راتبه سعت لتسريحه للتخلص من التكاليف المرتفعة .
والإشكالية السابقة حدثت عند تطبيق البرنامج بصيغته السابقة وبمجرد توقف الدعم كان الموظف السعودي الضحية الأولى . بل إن بعض المؤسسات توظف السعودي بملغ الدعم فقط ، من أجل كسب نقاط في طاقات . ومن المتوقع أن يحدث هذا الآن ، لكن مدة التسريح قد تأخذ وقتا .
والإشكاليات السابقة أدت إلى عدم استمرارية الموظف السعودي في العمل ، بسبب الاستقالة أو التسريح وإحلال موظفين جدد للاستفادة من الدعم . وذلك يعني أن معدل التوظيف العالي ليس له أثر في معدل البطالة ؛ لأنه لا يعني زيادة في عدد الوظائف ، بل تكرار التوظيف في وظيفة واحدة عدة مرات .
التستر مازال له كلمة قوية وتأثير مباشر في سوق العمل وتحديدا في المنشآت الصغيرة . ويعمل هذه المرة بأسلوب ، تقديم أجور منخفضة جدا لا يقبل بها السعودي ، ولو قبلها يتم الضغط عليه في العمل بأساليب كثيرة وملتوية لدفعه للاستقالة . وتحرص تلك المنشآت على توظيف عديمي المعرفة والخبرة والفتيات لسهولة السيطرة عليهم والتحكم بهم ، مع بقاء الوافد مسيطرا على العمل كاملا ، ولو من وراء حجاب .
كما أن القطاعات الكبيرة في السوق والتي توظف العدد الأكبر من العمالة ، يعزف السعوديون عن العمل فيها ؛ لإرهاق أعمالها ، ولتدني أجورها ، ولضعف مهارات العامل السعودي في بعض مهنها . وهي قطاعات التشييد والبناء ، وبيع التجزئة والجملة ، وإصلاح المركبات ، والنقل بكافة أنواعه . وتلك القطاعات لن يكون الدعم المادي فيها ذا قيمة ما لم توجد حلول أخرى ، تعمل على تحسين طبيعة العمل وبيئته وآلياته .
الأهم من كل ذلك أن معظم المبادرات موجهة للوظائف الدنيا والأجور الأقل ، والمهن غير المتخصصة، ودعم المهن العليا والمتخصصة مازال غير واضح وغير مؤثر ، والخوف أن يعتمد فقط على الدعم المالي للتوظيف . وذلك من شأنه أن يسبب كل المشاكل التي ذكرتها في السابق .
من المخاوف الجدية والخطيرة التي حدثت في التطبيق السابق لتحفيز التوطين ومن المتوقع أن تحدث في النسخة المجددة للبرنامج ، ذلك هو التوسع في الاستقدام نتيجة الاستفادة من دعم التوظيف الذي يحسن مستوى المنشأة في نطاقات ، وبعض التسهيلات في الاستقدام لتحفيز المؤسسات على التوطين . كوميديا سوداء .
من المؤكد أن مبادرات تحفيز التوطين سيكون لها أثر إيجابي في رفع معدل التوطين ، لكن لا أتوقع أن يكون لها أثر كبير على معدل البطالة ، وإن حدث فلن يعدو أن يكون مسكنا لفترة محدودة وبأثر محدود .
أما علاج مشكلة البطالة جذريا فهو موضوع مقال الأسبوع القادم بإذن الله .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال