الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يعتقد الكثير أن ريادة الأعمال ظاهرة حديثة اكتسحت العالم خاصةً مع قصص النجاح الشيقة مثل فيسبوك وأوبر وسناب شات وغيرها. بينما تشير الأرقام على عدم صحة هذا المعتقد، اذ أن عدد الشركات الناشئة في دولة كأمريكا كان بحدود ٦٠٠ ألف شركة في عام ١٩٧٧م وانخفض هذا الرقم إلى تقريباً ٤٥٢ ألف في عام ٢٠١٤م. لكن باعتقادي أن تطور الإعلام وخاصة الإعلام الحديث كوسائل التواصل الاجتماعي كثفت من تسليط الضوء على ريادة الأعمال وعلى الأشخاص البارزين فيها مما أدى إلى ترويج فكرة المشاريع الناشئة كظاهرة حديثة. وكذلك هناك دور حكومي حديث في التشجيع لريادة الأعمال كجزء من خطط تنمية وتنويع الاقتصاديات مثل خطة ٢٠٣٠ في مملكتنا الحبيبة.
كما أن هذا الترويج لريادة الأعمال صنع نوع من الوهم حول احتمالية نجاح مثل هذا النوع من المشاريع. اذ تشير إحصائية حديثة من (بلومبيرج) الى أن ٨ من كل ١٠ مشاريع ناشئة تفشل خلال ١٨ شهر الأولى، وهذه تعد نسبة مرتفعة جداً. هنا لا أود أن أبدو متشائماً ولكن معرفة الحقائق كهذه يدعو رياديي الأعمال لأخذ الحيطة والحذر والقيام بالخطوات المطلوبة قبل الشروع في هذه الرحلة. كما أن هذه المخاطرة المرتفعة تعتبر منطقية عندما نأخذ بعين الاعتبار احتمالية تحقيق ثروات فلكية من هذه المشاريع، والتي قد تتطلب أعماراً عدة لموظف عادي أن يحقق جزء من هذه الثروات.
ومن المهم أيضاً معرفة أسباب الفشل لكي يتم تلافيها ولتزداد بذلك احتمالية النجاح، فتشير الاحصائيات إلى أن ٤٢٪ من رياديي الأعمال يعزون سبب فشل شركاتهم إلى عدم وجود احتياج في السوق للمنتجات والخدمات المقدمة، و٢٣٪ يعزون ذلك إلى نفاد القدرة النقدية لهم، و١٩٪ يرجؤون ذلك للإخفاق في اختيار فريق جيد لإدارة الشركة.
ومن النقاط التي غالباً ما تطرح عند نقاش المواضيع المتعلقة بريادة الأعمال هو العمر المثالي للبدء بمشروع مستقل. المفهوم السائد هو أن ريادة الأعمال محصورة بفئة الشباب وذلك لما يتميزون به من جرأة عالية وطاقة متدفقة وهما يعدان أحد العوامل الهامة لنجاح رياديي الأعمال. ولكن عند الاطلاع على الإحصائيات فإنها تشير بغير ذلك. ففي دراسة حديثة معدة من قبل جامعة (MIT) في عام ٢٠١٨م والتي قامت بدراسة ٧,٢ مليون رياديي أعمال في أمريكا وجدت أن متوسط عمر رياديي الأعمال عند بدأهم في مشاريعهم هو ٤٢ سنة، وأن متوسط عمر الأكثر نجاحاً هو ٤٥ سنة. وتشير هذه الدراسة وغيرها لأهمية وجود الخبرة العملية في نفس مجال المشروع المراد البدء فيه كعامل مهم جداً للنجاح. وكما أن هناك مفهوم غير دقيق لدور التعليم في ريادة الأعمال خاصة عند انتشار شخصيات ناجحة جداً من رياديي الأعمال ممن لم يحصلوا على تعليم عالي، فتشير إحصائية حديثة صادرة من هيئة المنشآت الصغيرة الأمريكية (SBA) الى أن ما يقارب ٣٩٪ من رياديي الأعمال قد حصلوا على شهادة بكالوريوس على الأقل.
محليا، أولت حكومة المملكة العربية السعودية ريادة الأعمال اهتماماً بالغاً كجزء من خطتها المباركة لتنويع مصادر الدخل ولبناء اقتصاد متين لا يعتمد بشكل كبير جداً على الواردات النفطية. فنشاهد العديد من البرامج الجيدة المقدمة من جهات حكومية مختلفة لتقديم كافة التسهيلات المالية والقانونية والاستشارية لرياديي الأعمال، وتذليل العقبات التي من الممكن أن تقف حائلاً دون نجاحهم وتقدمهم. ومن الأمثلة على ذلك ازدياد عدد حاضنات الأعمال بشكل مطّرد حيث بلغ عددها ٤٠ حاضنة أعمال وتمتلك الدولة ما يقارب ٥٠٪ منها. ختاماً، لاشك أن المستقبل سيكون بيد من امتلك الطموح وقرنه بالعمل والاستعداد، ولكن وجب على من صنع الطائرة أن يفكر باختراع (الباراشوت) للتعاطي مع حالات الطوارئ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال