الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في جميع أنحاء العالم، تميل أسعار النفط المرتفعة إلى تسريع التحول إلىالطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. لكن في السعودية لدينا تأثير معاكس. قبل ست سنوات وحتى الآن، أعلنت السعودية عن استثمارات بأكثر من 350 مليار دولار تهدف إلى جعل المملكة المغمورة بالشمس مصدر كهرباء رئيسي من الطاقة الشمسية. لكن عملياً كان هناك الكثير من التوقف والذهاب لدعم هذه الفكرة. وما يجب أن يفهمه العامة ببساطة بخصوص هذه الفكرة، أنه هناك حاجة ماسة لزيادة توليد الكهرباء بسبب التوسع، وخفض الطاقة القائمة على النفط، والاستفادة من الطاقة الشمسية الضخمة.
في عام 2012م، كان البرنامج كالتالي: أدخلت المملكة برنامجاً للطاقة الشمسية بقيمة 109 مليارات دولار يهدف إلى توليد ثلث طاقتها الكهربائية من الطاقة المتجددة بحلول عام 2032م، لكن تم تجميد البرنامج. بعدها بسنوات أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله- قبل عامين عن خطة لفطم المملكة من اعتمادها على النفط عن طريق بناء محطات للطاقة المتجددة تعادل حوالي 200 جيجاوات من الطاقة المتجددة ما بين شمسية ورياح حتى عام 2030م، بالإضافة إلى الـ 9.5 جيجاوات في 2023م، وهي أكثر من 20% من إنتاج الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم اليوم.
في العام الماضي، قالت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إنه بحلول عام 2023م، ستستطيع الدولة توليد 10% من طاقتها من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار. وفي شهر مارس من هذه السنة، أعلن ولي العهد – حفظه الله – عن اتفاقية بقيمة 200 مليار دولار مع شركة SoftBank Group اليابانية لبناء قدرة شمسية كافية لزيادة الإنتاج الكهربائي الحالي للمملكة إلى ثلاثة أضعاف، لكن لا نعلم إن كانت هذه جزء من خطة برنامج الطاقة المتجددة 9.5 جيجاوات في 2023م أو ستكون ضمن برنامج آخر؟
في الحقيقة مبادرة الطاقة المتجددة لا تزال مستمرة، وفي بداية هذا العام تم البت في مشروع ضخم للطاقة الشمسية بقدرة 300 ميجاوات بقيمة 300 مليون دولار، وسيعقبه قريباً مشروع طاقة الرياح بقدرة 400 ميجاوات في شمال المملكة. وفي أكتوبر الماضي ذكرت صحيفة Bloomberg أنه من المتوقع أن نرى 4 جيجاوات من محطات الطاقة الشمسية بحلول عام 2021م، أي حوالي 5% من الإنتاج الكهربائي في السعودية. فقد ذكر ولي العهد – حفظه الله- في مقابلته الأخيرة مع Bloomberg: “لقد انتهينا من هيكل الاستثمار في الطاقة الشمسية”. وستبدأ أعمال البناء “في وقت ما في منتصف عام 2019م”.
على الأقل وحتى الآن تبدو الامور جيدة، وتبدو الطموحات المكتوبة منطقية. فهو كما هو معلوم أن السعودية تنعم بإشعاع شمسي يتفوق على مناطق آخرى في الشرق الأوسط، مع أقل من 45 يوماً غائم سنوياً في المتوسط. ويمكن القول نظرياً، بأن تغطية المساحات الفارغة الشاسعة في السعودية بألواح الطاقة الشمسية يمكن أن تولد طاقة تعادل احتياطي النفط السعودي المؤكد البالغ 266 مليون برميل في عامين فقط، وهذا بالتأكيد سيحد من إحراق براميل النفط التي تستنزف بشكل يومي في محطات توليد الكهرباء.
على الرغم من المنطق الواضح للابتعاد عن الوقود الأحفوري بالإضافة إلى الخطط الرائعة والطموحة، إلا أن المستثمرين لاحظوا بعض التباطؤ في المضي قدماً مع خطة برنامج الطاقة المتجددة، خصوصاً في عام 2018م حيث أننا على مشارف انتهائه، وهذا من شأنه أن يؤثر على صورتنا التي رسمناها في “رؤية 2030” إن لم نضبط التحركات بشكل جيد وأن نربطها مع الوقت، لأن عامل الزمن مهم جداً. نحن لدينا كامل المعرفة بأن أسعار النفط لديها تأثيرات إما إيجابية أو سلبية لدفع هذا القطاع للمستويات المرجوه، وأصبح من الواضح أن مستقبل أسعار النفط غير واضحة المعالم لأسباب عدة يصعب التطرق لها هنا. لذلك من الواجب أن نركز وأن نعمل على تأمين مستقبلنا من الطاقة بشكل أسرع، وأن نبتعد عن العقبات بتبسيط الأمور وعدم تعقيدها، وهو الأمر الذييقلل كثيرا من الحاجة إلى “إعادة اختراع العجلة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال