الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتساءل المستثمرون عن أفضل استراتيجيات الاستثمار في الأسواق المالية وعن جدوى كل استراتيجية. ولعل من المناسب الآن، وبالإشارة إلى الطلب المتزايد على صناديق الاستثمار القابلة للتداول (ETF)، وازدياد عددها وتنوعها خلال الفترة الماضية أن نعود إلى بعض المفاهيم الأساسية للاستثمار بغرض تحليل مدى فعالية كل استراتيجية.
وقبل البدء بعمليّة المقارنة بين الاستثمار الساكن والاستثمار النشط، لا بدَّ من إلقاء الضوء على معنى ومفهوم كلا الاستثمارين.
الاستثمار الساكن (Passive Investing): ترتكز استراتيجية الاستثمار الساكن على استثمار طويل الأجل في صناديق استثمار قابلة للتداول (ETF) تقوم بتنويع استثماراتها على أساس تناسبي في أسهم الشركات الداخلة في مؤشر قياس الأداء العام لإحدى أسواق الأسهم أو السندات أو السلع، إلخ، ويتبع المستثمرون هذا النهج لكونه يتميّز بالمخاطرة المنخفضة والتوزيع المتنوّع بالإضافة إلى التكاليف الإدارية المنخفضة.
الاستثمار النشط (Active Investing): يرتكز هذا النهج على الاستثمار في أصول بغية تحقيق عائد يفوق العائد الذي تحقّقه المؤشرات العامة للأسواق، ويستند على التحليل الأساسي ودراسة النتائج المالية للشركات. يقوم المستثمرون – من خلال هذا النهج – بشراء الأصول التي تقلّ في سعرها الحالي عن قيمتها العادلة وانتظار ارتفاع سعرها لتحقيق الربح، كما يقومون أيضاً ببيع الأصول بسعر أعلى من قيمتها العادلة وانتظار انخفاض سعرها لشرائها من جديد وتحقيق الربح. إنّ التكاليف الإدارية الخاصة بهذا الاستثمار مرتفعة بالمقارنة بتكاليف إدارة صناديق الاستثمار القابلة للتداول، ومن الضروري جداً الاعتماد على فريق مؤهل وكفء للقيام بتحليل واختيار أفضل مجموعات الأصول مما يعني المزيد من التكاليف.
يعتمد اختيار استراتيجيّة الاستثمار الساكن أو الاستثمار النشط وفقاً لكفاءة الأسواق التي يختارها المستثمرون.
تعتبر أسواق رأس المال في الدول المتقدمة أكثر كفاءة من أسواق رأس المال في الدول الناشئة، كما تعكس وأسعار الأصول المعلومات الأساسية الجديدة بشكل أسرع، وذلك وفقاً لما أشار له “يوجين فاما” الاقتصادي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل لـ “فرضية كفاءة الأسواق”. وقد بيّنت العديد من الأبحاث الإحصائية عدم تغلّب المديرون النشطاء في أسواق رأس المال في الدول المتقدمة على السوق، وبالطبع يكون الوضع أسوأ عند المستثمرين الأفراد عند قيامهم – بأنفسهم – بإدارة أموالهم الخاصة بنشاط في الأسواق المتقدمة.
ويختلف ذلك تماماً في أسواق رأس المال الناشئة، حيث أن كفاءة السوق أقل بكثير من الأسواق المتقدمة، مما يخلق إمكانية أكبر لاستغلال عدم كفاءة السوق من خلال استراتيجية الإدارة النشطة من قبل الشركات الاستثمارية والصناديق الاستثمارية، وهذا لا ينطبق على المستثمرين الأفراد حيث يفتقرون إلى المهارات والمعرفة في تسعير الأصول.
ومن الواضح جداً ازدياد الطلب على الاستثمارات الساكنة في الأسواق المتقدمة، وقد يؤدي ذلك إلى تناقص عدد الصناديق الاستثمارية النشطة، وبالتالي إلى عدم الكفاءة في السوق، وقد يتسبّب أيضاً في اختلال آلية تسعير السوق لكون الاستثمار الساكن لا يأخذ العوامل الأساسية للشركات على مفردها بعين الاعتبار حيث يتم شراء الأسهم ضمن مجموعة كجزء من مؤشر شامل، دون الأخذ بأساسيّاتها.
وفي النهاية يمكن القول بأن العوائد الإيجابية لاستراتيجيات الاستثمار الساكن مرتبطة بكفاءة الأسواق التي تعتمد بدورها على عدد مديرين الاستثمار النشط فيها، وقد لا يكون الأمر كذلك بالنسبة للأسواق المتقدمة في المستقبل حيث يتم تدفق المزيد من الأموال في الاستثمارات الساكنة التي قد تؤثر على كفاءة الأسواق بشكلٍ سلبي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال