الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تألقت هذا الإسبوع وسائل الإعلام بمختلف مشاربها إضافة لوسائل التواصل الإجتماعي في تغطيتها لتدشين ولي العهد مساء الاثنين الماضي برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية NIDLP، والذي يعتبر أحد أهم برامج التحول الوطني إن لم يكن هو أهمها على الإطلاق.
وقد أُفردت الصفحات وبُثّت البرامج والتقارير وزخّت التغريدات لتغطية هذا الحدث وهو جهد يشكر عليه الجميع، فكم هو إستثنائي أن يكون لدينا برنامج يضخ إستثمارات قدرها 1.7 تريليون ريال، وكم هو مذهل أن تخلق هذه الإستثمارات 1.6 مليون فرصة عمل، وكم هو رائع أن يساهم هذا البرنامج بقيمة 1.2 تريليون ريال في الناتج المحلي، والأمر الذي يدعو للتفائل حقيقة هو البدء بتفعيل هذا البرنامج مباشرة عبر توقيع 66 إتفاقية بقيمة 204 مليار ريال.
ولكن مالجديد يا وسائل الإعلام؟ كل ذلك سمعناه وشاهدناه بل وحضره البعض، كنت أتمنى حقيقة أن نستمع ونشاهد ونقرأ تحليلاً عميقاً لهذا البرنامج وقراءة لما بين سطوره والتركيز على أهم ما يحتوي من وجهة نظري الشخصية وهو نقل المعرفة.
فإشتراط نقل المعرفة وتقنيات التصنيع من الدول الصناعية المتقدمة للأراض السعودية ووضعها بأيدي الموارد البشرية الوطنية هو بمثابة ضمان لإستدامة هذه المشاريع العملاقة وتعظيم لفوائدها، بل أن تضمين ذلك في كل اتفاقية ماهو إلا خطوة تنم عن بعد نظر وحنكة اقتصادية واستشراف للمستقبل يُشكر عليه سمو ولي العهد (عرّاب الرؤية)، الذي وضع نقل المعرفة هدفاً لتحقيق أهداف أخرى. فنقل المعرفة يضمن تأهيل شبابنا وبناتنا وتطوير مهاراتهم وتسليحهم بما يحتاجوه لقيادة المرحلة المقبلة ومن ثم نقل تلك المعرفة لأجيال سعودية قادمة، وهذا هو أحد أهم أسلحتنا للحد من مستويات البطالة.
فعندما توُطّن الصناعات العسكرية والكيميائية والتحويلية وتُنقل معرفتها لأبنائنا حينها سأطمئن، وحينما يُوطّن تشييد وتشغيل البنى التحتية والخدمات اللوجستية وصناعة الآلات والمعدات وقطع الغيار وتُنقل معرفتها لأبنائنا حينها سأطمئن، وعندما توطن مشاريع الثورة الصناعية الرابعة بما فيها من أبحاث وتطوير وإبتكار وتُنقل معرفتها لأبنائنا حينها سأطمئن، وغير ذلك من المشاريع التي تضمّنها البرنامج في قطاعات الصناعة والتعدين والطاقة والخدمات اللوجستية.
وعلى النقيض تماماً، فلو تأملنا تاريخ اقتصاد المملكة خلال الأربعين عام الماضية للاحظنا ضخ إستثمارات تريليونية وإتفاقيات ضخمة لإستثمارات أجنبية (قد) تكون ساهمت في جزء من نهضة المملكة، لكنها أخذت أكثر مما أعطت، واستفادت أكثر مما أفادت بل وغرست لها جذوراً في أرض هذا البلد المعطاء لعل وعسى أن تبقى وتتمدّد، وهذا ما يجعلها شريكاً رئيسياً في العديد من التشوّهات الاقتصادية والتي نعاني منها حالياً ونتجرّع مُرّ علاجها.
ولا أخفيكم سراً أن عدم إشتراط نقل المعرفة لكل تلك الإستثمارات الأجنبية طوال العقود الأربعة الماضية كان سبباً رئيسياً في تراكم مستويات البطالة لما آلت إليه الآن.
الخلاصة : نقل المعرفة لا يقل أهمية عن ميزانيات تلك المشاريع .. لذا يجب أن يُراقب.
دمتم بخير،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال