الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثيرٌ منا ربط كلمة “ريادة” بالعمل التجاري فقط. ومن هذا المنطلق، رُبطت كلمة رياده بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة كتحصيل حاصل. فأصبح المفهوم العام أن من يريد تأسيس أي مشروع تجاري أو صناعي أو خَدمي هو ريادي ومنشأته ريادية. اعتقاد خاطئ يستنزف الموارد المهيأة للرواد الحقيقيين اللذين تحتاجهم رؤية المملكة 2030 لدعم برامجها الاقتصادية والاجتماعية ولمواجهة تحديات المستقبل بأسلوب جديد وغير نمطي.
السؤال هنا من هو الريادي الحقيقي وكيف نميزه بين مدّعي الريادة؟
كلمة الريادة في اللغة تعني السَبق. هذا يعنى شخص ما قد سَبقَ وتقدّم على الاخرين في الوصول لأمر ما. يمكن أن يكون هذا الأمر حل لمشكلة بأسلوب جديد أو بناء شيء مبتكر لم يُعرف من قبل. وهذا يتطلب تفكير ناقد عميق وغير نمطي وفيه الكثير من المعرفة والتجربة القائمة على التعلم نحو النجاح.
والريادة تتواجد في كل المجالات خاصة في البحث العلمي وهو مكانها الأول. الريادة توجد في التخطيط والاداء الاداري، في تنفيذ المشاريع، في السياسة، في القضاء، في الأداء العسكري، بل وحتى في فصل في مدرسة ابتدائية في قرية نائية متمثلة في معلم يعلم طلابه بشكل مُبهر وبأساليب غير نمطية.
أما ريادة الأعمال فهي تقوم على ريادي صاحب فكر غير نمطي حل مشكلة أو أوجد شيء جديد فاعل ومبتكر. هذا الابتكار تحول الى منتج (أو أستنبط منه منتج أو خدمة) ذو قيمة تجارية وجاهز للتسويق – محلياً وربما ينافس اقليمياً ودولياً – من خلال منشأة تجارية. لحظتها فقط يمكن ان يُطلق على هذا الريادي المبتكر ريادي اعمال. وهذا النوع هو من يبحث عنه المستثمرين.
ولكن ماذا عن الآخرين؟ من هم؟
أخذنا كلمة ريادي كترجمة لكلمة “Entrepreneur” الإنجليزية وهي كلمة فرنسية في الأصل بمعنى مقاول أو متعهد حر. وبسبب قصور اللغة الإنجليزية – وتعليم ريادة الاعمال اليوم قائمة على هذه اللغة القاصرة – أطلق مسمى ريادي أعمال على كل من دخل عالم التجارة والاعمال. في اللغة العربية بل وفي موروثنا وأيضا على ارض الواقع التعريف أوسع وأوضح في أربع فئات عامة. لدينا التاجر الكبير (رجل الاعمال) والتاجر الصغير (العصامي) والمُبادِر (المُبدِع في العموم) إضافة الى الريادي (من سبق غيره الى مبتكر جديد لم يعرف من قبل).
كل فئة من هذه الفئات لها بيئتها وظروفها ونوعية التعليم والتدريب الذي تحتاجه. بل وأساليب الدعم ونوعية الموارد المالية. ولا ابالغ لو قلت وحتى التشريعات مختلفة. لذلك، الريادة الابتكارية موضوع هام جداً وربما يحتاج هيئة مستقلة لتطويره.
ولا توجد فئة أفضل من فئة أو مجموعة أهم من مجموعة. نحتاج الجميع لخلق منظومة اقتصادية تكاملية. ولكن بسبب الخلط الحاصل اليوم في الدعم نرى الكثير يفشل سواء لمن يريد مزاولة التجارة كتجار تقليديين أو كرواد مبتكرين وأيضا من يدعمهم.
مهمة تحقيق هدف الرؤية في رفع مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الى ٣٥٪ سيتحقق بإذن الله. ولكن على الجهات التنظيمية والداعمة – ويشكرون على جهودهم الحالية – أن يتحرروا من قوالب المفاهيم التقليدية الدخيلة علينا والتي ربما لا تخدمنا بسبب عجزها في خدمة أهدافنا. نحتاج أن يتنبه المشرع الى اختلاف الفئات وان الريادة مرتبطة بالابتكار تحت مظلة منشآت غير تقليدية خاصة في بداياتها.
التجارة التقليدية ليست ريادة أعمال. نعم، التجارة التقليدية مهمة ولكن ريادة الأعمال موضوع آخر لابد أن نتنبه له لأن من خلال الابتكار نستطيع ان نتواجد في الأسواق العالمية. من يدري، ربما لا نكتفي فقط بالوصول لهدف الرؤية في هذا الخصوص، بل ونشارك العالم كله بنموذجنا في دعم منظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل فاعل ومتكامل للتجارة التقليدية وريادة الأعمال الابتكارية وتكون إحدى مخرجات رؤية المملكة ٢٠٣٠ ونفيد بها الاخرين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال