الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من دلالات اهتمام المجتمع بالابتكار، وتعطشه لتحسين الخدمة بشكل مستمر، أن تتابع المبادرة التثقيفية التي أطلقتها هيئة الغذاء والدواء هذا الأسبوع عن طريق خدمة (شات بوت) تنتشر في وسائل التواصل بشكل غير مسبوق. المصطلح هو اختصار لكلمتي (chat-robot) وهو يهتم بقيام الآلة بالدردشة التفاعلية مع البشر من أجل تحسين الخدمة المقدمة. وهي أيضاَ مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي من أجل التعلم السريع، كل ذلك بهدف رضا العميل.
وإذا كنا نتحدث عن رضا العميل، فنحن إذاَ بحاجة لدرجة عالية من الجودة المقدمة حتى لا يتسبب تذبذب درجة الخدمة المقدمة في النفور من التقنية بشكل عام، مما يولد الإحساس بأن الطريق أمامنا لا يزيل طويل في هذا السباق المحموم نحو التقدم. وفي ذات السياق، فقد أعجبني في الخدمة المقدمة من هيئة الغذاء والدواء الاهتمام بمسألة القرب من العميل وسهولة التعامل معها من حيث توفير حساب عبر تطبيق “الواتس” لهذا الروبوت أطلق عليه اسم “سارة” وأعتقد أن هذا كان أحد أسباب زيادة التفاعل خلال ساعات قليلة والإقبال على التجربة من قبل الكثير ممن وصلتهم الرسالة. بشكل عام فإن أحد إيجابيات الخدمة أيضاَ يكمن في توفير الكثير من جهد الموظف الذي يتوجه بدوره لعمليات بشرية لا يمكن للآلة تقديمها.
وفعليا فقد شاهدنا الكثير من القطاعات الخدمية خلال العام المنصرم تقوم بالتركيز على هذا الجانب. لكن المهم هنا هو ألا نغفل كمقدمي خدمة أهمية اللمسة البشرية ذات الطابع الخاص الذي يسهم في القبول لدى المستخدم. وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعلنا نتوجس قليلاَ من الخدمات المقدمة عن طريق الدردشة التفاعلية مع الآلة.
على جانب آخر فإن خبراء الموارد البشرية لديهم وجهة نظر مختلفة حول الموضوع من ناحية إمكانية الاستعاضة بالآلة عن البشر في الكثير من وظائف المستقبل؟، والإجابة الأنسب من وجهة نظري بكل بساطة هي أن التقنية مهمتها خدمة البشر وتطوير العمل، وهذا يعني أننا نستطيع الاستفادة بشكل كبير من كم المعلومات الهائل الذي نحصل عليه من خلال الأسئلة المطروحة بشكل متكرر على سبيل المثال، ونستمر في التطوير بهدف ابتكار حلول جذرية. خدمة “سارة” بحد ذاتها لابد أن تنقلنا إلى مرحلة جديدة نفهم من خلالها الدوافع خلف بعض الأسئلة التي سيتم طرحها، وطبيعة الأمراض والعلاقة السببية لهذه التساؤلات.
وهنا يتمثل لنا دور العامل البشري بكل وضوح في التحليل والقراءة المستقبلية. لكن الصدفة الغريبة التي لفتت انتباهي هي أننا خلال نفس الأسبوع سمعنا عن طلب ائتلاف من منظمات الدفاع عن الأطفال في الولايات المتحدة التحقيق بمسألة انتهاك الخصوصية من قبل هذه التقنيات التي تقوم بحفظ الكثير من البيانات والتي يمكن أن يساء استخدامها بشكل أو بآخر.
الخدمة الذاتية تهدف لسرعة الاستجابة أيضا، لذلك فإن قاعدة البيانات المتجددة باستمرار مهمة، وإدارتها بشكل جيد لا تقل أهمية عن الاستفادة منها. ويمكنني أن أذكر في هذا الصدد قطاع السياحة الذي يتحدث بعض الخبراء عن إمكانيات غير محدودة لهذه التقنية لإحداث تغيير جذري فيه، ليس فقط بتسهيل عمليات الحجز التي تتطلب الكثير من الجهد والوقت في البحث عن أفضل الخيارات ولكن الحديث هنا عن مرافقة الخدمة للمسافر على مدار الرحلة بشكل كامل.
المطلوب إذا من وجهة نظري هو تشجيع ودعم مثل هذه المبادرات التقنية الطموحة، مع الالتفات لجانب الجودة، حتى يتم الارتقاء بالخدمة المقدمة بشكل تدريجي ولا تنطفئ فورتها بعد حين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال