الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استمتعت بمقال الاستاذ عبدالله الفوزان المنشور في مال تحت عنوان (التخصيص…النشأة والأسباب) والذي تناول عدد من النقاط أهمها مسببات نشأه القطاعات العامة و عدد من دوافع التخصيص. شخصيا أختلف مع عدد من النقاط الواردة في المقال، وليسمح لي القراء الكرام و الاستاذ عبدالله الفوزان في استعراض عدد من تلك النقاط التي اعتقد انها مهمة في اي نقاش حول نشأة القطاعات العامة والتي تعود لما (قبل الحرب العالمية الثانية)، وخصخصتها.
نعم، كثير من الدول توسع في انشاء المشروعات الحكومية المملوكة للدولة لإعادة بناء ما تم تدميره اثناء الحرب ولتحقيق عدد من الاهداف الاجتماعية، ولكن من المهم تسليط الضوء على ان توصيف الاسباب الذي ذكر في مقال الاستاذ عبدالله الفوزان لا ينطبق على الكل. نعم ينطبق على دول الموارد الطبيعية، ولكن لا ينطبق على كافة دول العالم الذي كان و (ما زال بعضها) يعاني من الإشتراكية.
في أوربا نشأت القطاعات العامة كنتيجة لتغلغل الفكر (الاشتراكي) وهذا يعود لما قبل الحرب العالمية الثانية، وكثير من الدول في قارة آسيا ينطبق عليها الامر نفسة. وعند استعراض تجارب اي دولة في الخصخصة ينبغي عدم تجاهل الخلفية التاريخية لنشأة القطاع العام. وهذا يقتضي دراسة التاريخ السياسي، لان خصخصة القطاعات العامة للدول ذات التاريخ الاشتراكي تختلف عن خصخصة القطاعات العامة لدول الموارد الطبيعية. الخصخصة في دول الموارد الطبيعية اسهل وسلسة وكل ما تحتاجة تقييم مالي و محاسبي وتشريع يحفظ حقوق الاطراف ذات العلاقة، و قدرة على جذب رؤوس الاموال. اما خصخصة القطاعات العامة في الدول ذات التغلغل الاشتراكي فتحتاج لما هو اكثر من ذلك بكثير، ولنا في بريطانيا مثال على ذلك، حيث كادت ان تؤدي خلخلة و تفكيك الحلقات الاشتراكية و تبني مفاهيم حرية الأسواق لأغتيال رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر.
رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر كانت عظيمة في اعتزازها ببلادها، و عملت كل ما من شأنه الحفاظ على وحدة اراضي بريطانيا. لكن ذلك لم يمنعها عن امتداح التجربة الإقتصادية الامريكية، والتي دافعت بقوة عنها كما وحاولت ونجحت في تكسير كثير من حلقات الاشتراكية في بلادها. نجربة مارغريت تاتشر تؤكد على ان تبني الافضل من الغير لا يعني بأي حال قلة إحترام للذات. و من الاجحاف اختزال تجربة تاتشر في (عمليات خصخصة)، تاتشر خاضت اشرس الحروب ضد حلقات الاشتراكية في بريطانيا، والخصخصة ليست سوى حلقة واحدة من سلسلة حروبها التي خاضتها على مدى مسيرة حياتها.
و لطالما كانت تاتشر بليغة في اقوالها، انيقة دائما في مظهرها، لم تقطع قط (شعرة معاوية) مع خصومها، محبة لبلادها، و وفية مع حلفاءها، فخورة دائما بلقب المرأة الحديدية. ولعلي في مقال قادم استعرض امور اخرى تطرق لها الاستاذ عبدالله الفوزان في مقاله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال