الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
احتل مفهوم السعادة مكانة خاصة في تاريخ الفكر الإنساني وعند معظم الفلاسفة ابتداءً من العصر اليوناني وانتهاءً بالفلاسفة المعاصرين مثل فريدريك لونوار، مروراً بالفيلسوف الإسلامي الفارابي أحد عمالقة الفلسفة الإسلامية الذي قد شغلت السعادة حيزا كبيرا من تفكيره.
لاشك أن الحالة النفسية تُكوِن بيئة مناسبة للتطور الاقتصادي، فالمجتمع يبدأ من الفرد كما لايخفى، ولأهمية ذلك عُنيت أحد برامج رؤية ٢٠٣٠ بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة وبناء مجتمع ينعم افراده بأسلوب حياة متوازن.
ومادمنا نتحدث عن أهمية ارتقاء الحالة النفسية على الفرد، فنحن ملزمون بالحديث عن مفهوم السعادة وكيفية تكونها بالطريقة التي تناسب الواقع الاجتماعي وتجعله كُلاً يُكمل بعضه بعضا، فالسعادة إن لم تُشكّل وحدة اجتماعية وتكون سببا للانطلاق إلى الشجاعة العامة في بلورة وتنفيذ خطط استراتيجية مفيدة للجميع؛ كانت أنانية ومضرّة للفرد والمجتمع.
فماهي ماهية السعادة التي تُحول المجتمع إلى كتلة من الانتاج والتقدم الاقتصادي ومن ثم الوصول إلى بيئة مطلوبة ومناسبة للعيش والحياة المستقرة؟
لقد اختلف الفلاسفة والعلماء والمفكرون في تعريف السعادة، وسبب اختلافهم عائد إلى تنوع الثقافات الإنسانية التي من خلالها يتم تحديد مفهوم السعادة، ومادمنا نؤمن ونتفق على مبدأ الاختلاف الثقافي المُعرّف للسعادة، فهذا سيقودنا حتمًا لتقبل الاختلاف الذي يبني الاقتصاد بين المجتمعات، وقد حددت السعادة دون غيرها لاعتقادي بأن العالم الآن يتجه لخلق بيئات تساعد على تحسين الحالة النفسية للوصول لنهضة اقتصادية ومن ثم اجتماعية وفكرية، والناظر للواقع العالمي الآن سيجد أن السعادة العامة تساهم بشكل فاعل في ارتفاع الأسهم، ومعنويات اسواق النفط والغاز والمنتجات الغذائية والعقار، وعكسها الخوف؛ الذي يؤدي إلى حالة من الضيق والركود الاقتصادي.
ولعل الرسالة التي ينقب عنها هذا المقال، هو السعي إلى إيجاد بيئة نفسية عالية الجودة تساهم في تطوير الاقتصاد، والبعد عن ثقافة التخويف التي انتهجها بعض الكتاب والمفكرين فساهمت في تكدس أو ترهل الاقتصاد، ومن ثم زيادة الفساد وانتشار البطالة بسبب التخوفات التي تطرأ على السوق، وهذا بدوره كفيل بأن يجعل الصورة الذهنية عن السوق المحلي في ذيل قائمة الأسواق المغرية للآخر الذي كان ينوي الاستثمار في السوق المحلية، وسيجعل السوق والاقتصاد في مواقع متأخرة في التصنيفات العالمية المهتمة بالمدن المتميزة للاستثمار والحياة فيها، ولنا في الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة خير مثال حينما أنشأت وزارة مستقلة بإسم: “وزارة السعادة”، ووزارة اليوجا في الهند. لا ينبغي بالضرورة أن نقوم بذات الفعل لكن تطوير هذا المفهوم سيساعد على بلورة أسس قوية للسوق الاقتصادي وخلق صورة ذهنية جاذبة للمستثمرين.
ومما يزيد من ارتباط مفهوم السعادة بالتنمية والنمو الاقتصادي ألقاً وثباتاً هو إطلاق برنامج “جودة الحياة ٢٠٢٠” ضمن أثنى عشر برنامج ذات أهمية استراتيجية للمملكة من أجل تحقيق الأهداف والاستراتيجيات التي تضمنتها رؤية ٢٠٣٠. يركز برنامج جودة الحياة بشكل أساسي على جعل المملكة أفضل وجهة للعيش للمواطنين والمقيمين على حد سواء. كل هذا وأكثر يعزز من مفهوم السعادة كبناء ذهني للتنمية والاقتصاد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال