الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ماحدث الأسبوع الماضي من انتشار خطاب إيقاف توزيع الصحف الورقية في عدة مناطق بالمملكة ما هو الا بداية النهاية، فالصحف بشكل عام تواجه تحديا كبيرا يتمثل في المحتوى والتمويل المالي لتلك الصحف وكيفية انسجامها وتناغمها مع المتغيرات الاخيرة ومدى انكشافها على التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي والتي احدثت تحولا كبيرا في نمط المتابعة والقراءة، وهو امر تواجهه اعرق الصحف العالمية ونحن بالطبع لسنا بمعزل عن العالم، كون صحفنا لم تعد جذابة كما كانت بالسابق بل انها (شاخت) وبعضها قد توفى دماغيا!
اما ما يزيد الطين بله هو ان لدينا تحد من نوع اخر ، وهو ان اغلب صحفنا الورقية تأسست منذ 6 عقود تقريبا ولا يزال مؤسسي تلك الصحف الا من توفاه الله او ورثتهم، موجودين الى الان بالجمعيات العمومية ومجالس ادارات تلك الصحف، وأغلبهم قد ضاعف استثماره عشرات المرات ان لم تكن مئات المرات (اللهم زد وبارك)، لذا لا أظن ان لدى اَي منهم الدافع لمجابهة مزيد من التحديات كون استثمارهم راكم ارباحا أغنتهم عن طرق اي أبواب جديدة، ولا أظن أيضا ان الفكر الإداري التقليدي الذي يحملوه قد يشكل فارق في مواكبة ماهو قادم.
لذا من وجهة نظري الشخصية وبحكم احتكاكي بأكثر من صحيفة وبأكثر من مسؤول، ارى ان التحدي الكبير الذي يواجه الصحف التقليدية يتمثل في نموذج العمل Business Model الحالي والذي لم يتغير منذ اكثر من نصف قرن، فالانتقال للصفحات او التطبيقات الإلكترونية ليس هو الحل بل هو مواكبة لما يطلبه المشاهدون، والورق سيختفي يوما ما لكن الصحافة باقية بل وتتمدد.
بينما يكمن الحل في اعادة تصميم نموذج عمل جديد يضمن جودة المحتوى (وجودة من هم خلف المحتوى) لمواكبة المرحلة وما تشملها من متغيرات ديموغرافية، وابتكار طريقة يمكن ايصال ذلك المحتوى للقارئ الحالي، مما يضمن توفير التمويل اللازم لتشغيل تلك الصحف كون التمويل وضعف الإيرادات هو ما ينهش عظام الصحف حاليا (لولا الله ثم إعلانات التعازي والتهاني والتبريكات).
لان الصحف الورقية لديها مصاريف تشغيلية عالية لكثير من اصولها ومطابعها ومواردها البشرية والتي بدأ تسريحها مؤخرا، بعكس الصحف الإلكترونية التي بدأت رشيقة، علما بان المنافسة الان لم تعد سعودية او محلية فحسب بل من الممكن ان يضربك منافس من جزيرة الدمى او جزر خيبة الأمل وهي جزر حقيقية موجودة وليست من وحي الخيال.
قد يكون استحواذ بعض الصحف على اخرى او اندماجها حل متوسط المدى ليس الا، لكن دون اقحام الشباب من الجنسين والمختصين والمفكرين ورواد الاعمال والأكاديمين في اعادة برمجة تلك الصحف وضم هؤلاء الشباب لجمعياتها العمومية او مجالس اداراتها للخروج بنموذج عمل جديد، فلننتظر العدد الأبيض لتلك الصحف قريبا وقريبا جدا.
الخلاصة : يقول توماس إديسون (دايما هنالك طريقة أفضل).
دمتم بخير،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال