الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يحتل الاقتصاد الكوري الجنوبي مراكز اقتصادية متقدمة ليصل الى المركز 11 من أقوى اقتصاديات دول العالم . لم يكن الوصل الى هذه المراكز المتقدمة عملية سهلة خصوصا بعد خروجه كاقتصاد هش أنهكته الحروب يعاني من مشاكل مالية كثيرة و تنقصه الموارد الاقتصادية الأساسية. وقد كان الاقتصاديون يرون انه اقتصاد ميؤوس منه للانتعاش والنمو. ولكن اتخذت الحكومة الكورية قرارات هامة بشان نهضة بلادها الاقتصادية وقد عملت بخطة تنموية للقيام بالنهضة الكورية الاقتصادية, فقد وضعت أولوية لتعليم الأفراد ليكونوا قادرين على بناء بلادهم.
ثم اتجهت كوريا الجنوبية الى انتاج الصناعات الخفيفه كصناعة الأقمشة و المنسوجات، بعدها أعطت اهتماما كبيرا وتوجهت الى الصناعات الثقيلة كصناعة الصلب ومواد البناء و الالات والسفن لزيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للدولة وجذب الرأس المال الأجنبي اليها. وحينها أصبح الاقتصاد الكوري قائم على التصدير حيث تصدرت رابع أكبر منتج للفولاذ في العالم وبنت لديها قاعدة لأكبر الشركات الكورية العالمية مثل شركة هيونداي للصناعات الثقيلة.
وبعدها استغلت بايجابية ارتفاع أسعار النفط أثناء الحرب في منطقة الخليج وقامت كوريا بارسال عمالها الى المنطقة لتحفيز وزيادة النمو الاقتصاد الكوري وكان له اثر ايجابي لزيادة نموها وانتعاشها الاقتصادي. ولكن بعدها ظهرت الأزمة الاقتصادية الأسيوية في تايلاند وأثرت على جميع دول وشركات الشرق الاسيوي مما ادى الى اغلاق الشركات الكورية الكبيرة وتعرضها للافلاس واندماج بعضها واعادت هيكلته لتقليل مصاريفه.
بعد مامر به الاقتصاد الكوري من انهيار مرة أخرى بسبب الأزمة المالية قررت كوريا أن تجازف بالاستثمار بحقبة صناعية جديدة سباقة في العالم وهي صناعة أشباه الموصلات وقد نجحت وحققت مكاسب كبيرة من صناعة أشباه الموصلات وتصديرها للعالم الخارجي مما أدى الى زيادة ناتجها القومي، وتصدرت كوريا العالم بهذه الصناعة ولا زالت الى يومنا هذا تعتبر صناعة أشباه الموصلات من أهم الصناعات اللتي يقوم عليها الاقتصاد الكوري، ومنها انطلقت كوريا وبرزت في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات وأصبحت دولة ذات قوة تكنولوجية ودولة ذات ابتكار في مجال التكنولوجيا وتقنية المعلومات.
طورت كوريا نفسها كثيرا في مجال صناعة تقنية العلومات وأصبحت دولة رائدة عالميا ويسلط عليها الضوء في هذا القطاع وعلى اختراعاتها التقنية حيث ان النمو الاقتصادي الكوري قائم على النمو التكنولوجي. وحاليا تعتبر كوريا بيئة خصبة وجاذبة للشركات التقنية الناشئة من حول العالم لنموها والتكنولجي ستارت أب المبتكر.
وتتجه كوريا الجنوبية حاليا بعد ما حققته من نجاحات في قطاعات اقتصادية وتكنولوجية متعددة نحو تولي اهتمام كبير بدراسة علم البيانات والذكاء الاصطناعي وتحليل هذه البيانات في جميع القطاعات لدرسة الظواهر والمشاكل قبل حصولها عن طريق التنبأ بها وايجاد حلول لها لكي لا تقع. فقد قام الكوريون بربط العاصمة سيول بتقنية الديجتال فأصحبت مدينة رقمية. كان الهدف من هذا التحول الرقمي للمدينة هو وسيلة لتسهيل عملية جمع المعلومات داخل المدينة وقيام الابحاث عليه وتحليل البيانات والظواهر الاقتصادية تجاه الأحداث والتنبؤ بالمشاكل التي سوف تواجهها المدينة وايجاد الحلول لها كي لا تقع بهدف رفع النمو الاقتصادي الكوري وتجنب حدوث الأزمات المالية اللتي تكلف الدولة خسائر مالية كبيرة وسنوات لاعادة تصحيح النمو الاقتصادي.
ومن الدروس المستفادة بالتوجة الكوري الحديث بأهمية جمع البيانات داخل المدن وتحليلها واللتي تعتبر توعية بأهيمة نمو القطاع الاحصائي في العصر الحديث . وبأهمية تفعيل أكثر لدور مراكز الاحصاء ومراكز جمع البيانات لدينا لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية خصوصا القطاعات الاقتصادية الحديثة والقطاعات الاقتصادية الناشئة لنقص البيانات فيها وعدم توفرها بدقة كقطاع الشركات الناشئة وقطاع الترفيه وقطاع التجارة الالكترونية وتحليل نتائج البيانات داخل القطاع لمعالجة المشاكل التي يواجهها وحلها للحصول على أفضل النتائج والخطط المستقبلية المرجوة لتنميته وتطويره. حيث ان التوجة الاقتصادي والقطاعات الاقتصادية في الوقت الحديث بدأت تتغير وظهرت قطاعات لم تكون موجودة سابقا وجميعها تحتاج الى احصائيات لرفع النمو الاقتصادي.
المحاولة بربط النتائج التحليلية لبيانات القطاع الاحصائي وأهداف رؤية مملكتنا الحبيبة للقطاعات المختلفة في الدولة ومدى مواكبتها لتطورات الرؤية امر في غاية الاهمية. كما ان الربط بين المراكز الاحصائية والذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمشاكل الاقتصادية قبل حدوثها ومحاولة تجنبها ووضع خطة افتراضية بديلة للنمو، اصبح امر حتمي. فهل نرى ذلك؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال