3666 144 055
[email protected]
في عام 2015 م رفعت شركة أبل قضية على شركة أركسون تتهمها بأنها تملك براءة إختراعات ولكن تتيح إستخدامها بتكاليف مرتفعة على المستخدمين، لم تجلس شركة أركسون تتفرج في مواجهة الهجوم القانوني فردت بقضية على أبل تتهمها بانتهاك 40 براءة إختراع، والانتهاك يعني الاستخدام دون وجه حق، ويخرج النزاع من ساحة المحاكم إلى المفاوضات المباشرة للوصول إلى حل يرضي الطرفين. قضايا متشابهة تم نزع فتيلها بين شركات مثل سامسونج وأبل ومايكروسوفت، وبالفعل تشتعل حرب براءت الاختراع في أسواق التكنولوجيا وبين قادة السوق الكبار، هذه الحرب تشتعل في أسواق أخرى وبين شركات متنوعة الأنشطة لكن لا نعرفها لأن المتحاربين أو المتنازعين ليسوا من مشاهير السوق. وفي كل الأحوال مايميز كبار السوق أنهم يتعاملون مع الادارة القانوينة في شركاتهم باحترام وتعظيم، لأن هذه الادارات تملك أن تنقذ الشركة من شراك المنافسين والحاقدين، وتملك أيضاً أن تجعلها لقمة سائغة في أفواههم، يوما ما واجهت سامسونج أمراً قضائياً يغرمها مليار دولار كتعويض، وبجهود مكثفة تم تخفيض الغرامة لتصل إلى 399 مليون دولار.
والرياح التي تعصف بالشركات لا تأتي فقط من منافسيها ولكن قد تأتي من عميل محارب لا يترك حقه أو ما يعتقد أنه حقه، في مرة من المرات رفعت عميلة محاربة قضية على شركة ستاربكس تتهمها فيها بأنها تخدع عملائها وتغشهم في المشروبات الباردة حيث تضع الشركة في منتجاتها كثير من الثلج وقليل من السوائل! وعميل آخر رفع قضية على ماكدونالدز لأنها قدمت له مشروباً ساخناً وملتهباً أحرق لسانه، وأيضاً كثيرة هي القضايا التي يرفعها موظفون على شركات تبخس حقوقهم وتأكلها بدم بارد خاصة في عصرنا الحالي حيث ترتفع معدلات الاستغناء وتنخفض معدلات التوظيف.
المشكلة أيضاً أن هناك ثقافة سائدة في السوق وهي أن العيون تظل مفتوحة على الحقوق مغلقة على الواجبات، فتتساهل الشركات في كل الاجراءات القانوينة التي تضمن حقوق منسوبيها أو المتعاملين معها بينما في أكثر الأحوال تعرف حقوقها جيداً وتدافع عنها ببسالة. يحدث كل هذا في الوقت الذي تشكل سمعة الشركة في السوق رأس مالها وطريقها إلى أسواقها ومسوغها في الوصول إلى قلوب عملائها، ويحدث في الوقت الذي تنتشر الأخبار السيئة على الشبكة العنكبوتية كالنار في الهشيم ليصدر الناس أحكامهم في طرفة عين وبلا هوادة، ويحدث أيضاً في الوقت الذي تنتشر فيه ممارسات التزوير والتدليس وسرقة العلامات التجارية وغيرها من الجرائم ليتحول السوق إلى ساحة حرب ينحرون المباديء والأخلاقيات على إعتابه.
ورغم كل هذه المعطيات وغيرها مازالت الشركات تتعامل بخفة وإهمال مع الادارة القانونية، تسعى الشركات إلى جذب الكفاءات في مجالات متعددة ولا تسعى بنفس الجدية إلى جذب الكفاءات في المجال القانوني، وكثير من الشركات تعتمد على محامي واحد، ومنها ما تسلم قضاياها لمحامي خارجي لا ينتمي للشركة ولا ينشغل كثيراً بهمومها ومشكلاتها. الإدارة القانونية ليس لها وجود حقيقي في الهياكل التنظيمية لكثير من الشركات وإن وجدت فوجودها على إستحياء. على كل الشركات وعلى كل المؤسسات أن تعيد ضبط منظومتها القانونية وخط دفاعها الأول فأحوال السوق المحلي والاقليمي والعالمي متقلبة ولا تثبت على حال، والفوضى تسيطر عليه في كثير من الأوقات، وهناك لعب يحدث في الخفاء تظهر نتائجه في السوق ويدفع ثمنه غالياً كل من لا يعرف التعامل مع القانون ويتوه في دهاليزه.
وإذا كان يقال أن تقدم الدول يقاس بعدالة نظامها القضائي؛ فإن نجاة الشركة من المصائب ومتانة عموها الفقري الذي يحميها من السقوط يكون بقدر قوة ادارتها القانونية.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734