3666 144 055
[email protected]
استكمالا لسلسلة المقالات حول مفهوم الايسام، تسعى كثير من دول العالم الى تبوأ مكانة مميزة على مستوى اقليمها ومحيطها، وتخضع تلك الامنيات لما تملكه الدولة من مقومات وعوامل بيئية، جغرافية، قانونية، تجارية وغيرها، تحاول الكثير من دول العالم تعزيز قوتها الناعمة ودبلوماسيتها من اجل تحقيق مصالحها، وتحييد الاخطار من حولها.
تقوم العديد من الدول بتطبيق مفهوم الإيسام، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وفرنسا والمملكة المتحدة (حيث يشار إليه رسميًا بالدبلوماسية العامة)،وقد تم تطبيقه في كل من تايوان، ماليزيا، اليابان، الصين، كوريا الجنوبية، سنغافورة، جنوب إفريقيا، أستراليا ونيوزيلندا ومعظم دول أوروبا الغربية حيث يزيد الاهتمام بالمفهوم من الدول الأقل نموا على أساس أن الصورة المعززة قد تخلق ظروفًا مواتية أكثر للاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة والتجارة وحتى العلاقات السياسية مع الدول الأخرى. تقوم دول نامية مثل تنزانيا وكولومبيا بإنشاء برامج العلامات التجارية الصغيرة التي تهدف إلى زيادة الصورة الإجمالية ومع حالة كولومبيا، تغيير النظرة الدولية. في الأوساط الأكاديمية، يمكن التعامل مفهوم الإيسام كحقل في العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية والإنسانية والاتصالات والتسويق والعلاقات الدولية. قام علماء مثل إيفان بوتر من جامعة أوتاوا بتصور العلامات التجارية الوطنية كشكل من أشكال القوة الناعمة الوطنية موضحا ان كل الجهود التي تبذلها الحكومة (على أي مستوى) لدعم العلامة التجارية الوطنية -سواء بشكل مباشر أو غير مباشر -تصبح دبلوماسية عامة.
اما من جهة المؤشرات الدولية، يعد مؤشر «Nation Brands Index»، المصدر الرئيس والوحيد للبيانات الرقمية وتقسم فكرة العلامة التجارية للأمة إلى ستة حقول فرعية رئيسة وهي:
1- السياحة
2- الصادرات
3- الحوكمة
4- الناس
5- الثقافة والتراث
6- الاستثمار والهجرة
تسعى بعض حملات العلامات التجارية إلى تحسين القدرة التنافسية لصادرات الدولة عن طريق ربطها بالمفاهيم المسبقة الإيجابية للبلد. يمكن للشركات أن تتغذى على صورة العلامة التجارية للبلاد، يلاحظ “بيتر فان هام أحد الخبراء في مجال الايسام:” ان «مايكروسوفت وماكدونالدز هما من بين الدبلوماسيين الأمريكيين الأكثر بروزًا، تمامًا مثل شركة نوكيا التي يمكن اعتبارها سفيرة فنلندا للعالم».
يشير بيتر فان هام، إلى ظهور نوع آخر من تسويق العلامات التجارية: أي يمكن للدولة ان تسوق لنفسها كعلامة تجارية من خلال ما تملكه من تطور في البنية التحتية، وكذلك من خلال الأنظمة واللوائح والهياكل الضريبية الجاذبة لرؤوس الاموال، أو غيرها من الحوافز في التي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية. تعمل بعض الدول أيضًا على الترويج لأسواقها المالية في محاولة لزيادة مكانتها كمركز مالي.
تقوم بعض الدول بالإيسام مستخدمة بذلك الترويج السياحي استفادت أستراليا، التي أشار إليها مؤشّر «Nation Brands Index» مؤخرًا على أنها البلد ذو العلامة التجارية الأقوى من نواحي السياحة الطبيعية والبيئة ذات الطابع الذي يملؤه المغامرة.
ومع كل هذا العمل من قبل الدول تبقى هنالك تحديات كبرى للإيسام، يبرز أحد التحديات على المستوى الداخلي بسبب انعدام الموائمة والتواصل حيث يتطلب النجاح في مسألة العلامات التجارية للأمم “الايسام” تنسيقا على اعلى المستويات في الدولة، ومن فاعلين متعددين وشخصيات مؤثرة.
من ابرزها صعوبة التحكم في العوامل الخارجية، صحيح ان كثير من العوامل الوطنية او الداخلية يمكن العمل على جعلها تعمل في تناغم من خلال استراتيجيات وطنية ومبادرات ومؤشرات لكل جهة، بيد ان الفاعلين في المجال الدولي سواء الدول او منظمات او مجال دولي اخر مثل الشركات العالمية، تحكمها ديناميكيات أخرى، يصعب التحكم بها جميعا، مما يجعل عملية الايسام خارجيا تأخذ وقت طويل، ولذا تفشل مشاريع العلامات التجارية للأمم بسبب الاستعجال في النتائج، حيث يتطلب الوصول الى النتائج وقت طويل من العمل، ثم ابراز المشاريع المختلفة للدولة عالميا، ثم المنافسة مع بقية الدول سواء من ناحية المنتجات او من ناحية قوة التأثير الدولي.
ومع كل تلك التحديات وصعوبات التطبيق هل يمكن اعتبار الايسام كأحد الأنماط الصاعدة للقوة الناعمة، ودخول عالم الاعمال مع الدبلوماسية لتشكيل مفاهيم وتطبيقات مختلفة، يزيح فيها تنفيذيو الشركات الاستشارية، الدبلوماسيين التقليديين؟ هذا ما سنتناوله في المقال القادم وخاتمة هذه السلسلة بمشيئة الله تعالى.
والله الموفق
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734