الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ربما تتشكل حاليا وجه جديد ستبدو ملامحها بعد الانتهاء من الازمة التي يعيشها العالم من جراء انتشار فايروس كورونا، والاثر المتوقع الذي سيتركه هذا الوباء، سوف يكون على المستوى الشخصي من تصحيح بعض السلوكيات، وبالنسبة للدول والحكومات فإنه سيكون محفزا لاتخاذ بعض الاجراءات او التغييرات في الانظمة والقوانين للحد من الافراط في بعض التصرفات، وربما ساهمت في الغاء انظمة وتعليمات كانت قائمة ولن يكون لها موقع في العالم الجديد، الكثير من الدول والحكومات التي كانت تواجه صعوبة في تطبيق بعض التعليمات الصارمة التي من مصلحتها فائدة المجتمع.
الوجه الجديد الذي سيظهر به العالم بعد ازمة كورونا، أثاره لن تبدأ مباشرة انما سيستغرق نحو 90 يوما الى 120 يوما، فالدروس المستفادة من هذه الازمة عديدة ومتشعبة ومتنوعة، بالله عليكم هل تتوقعون على سبيل المثال، بعد رفع الحظر عن مراكز التسوق والتجمعات في الحدائق والمنتزهات والمطاعم هل تتوقعون ان الناس ستندفع بدون وعي؟،
بالتاكيد سيخرجون بحذر شديد، المجتمعات الفقيرة والدول النامية ستخرج اكثر وعيا ومقدرة في التعامل مع الازمات واكتشاف الحلول، وطرق التعامل مع اي ازمة طارئة، حتى التحالفات التي اعتدنا ان نراها سيحدث عليها تغيير، ليس في عدد الدول بل اهمية التحالفات.
في كل مرة شهد العالم اكتشافا او حتى حدثا جليا فرضت نمطا جديدا من التعامل، واحدثت تغييرا فيها، وغيرت معها سلوكا. لست بخبير ولا بعالم جيلوجي، انما صحافي ومهتم بالشأن الاقتصادي، اخبروني الم يحدث اختراع العجلة نمطا جديدا في حياة الناس، وواكبتها تغييرات كثيرة وتبدلت احول الناس من الشقاء والتعب الى راحة خاصة في مجال النقل، وشأن آخر اليس اختراع الانترنت واجهزة الكمبيوتر احدثت نقلة كبيرة في حفظ الملفات والمعلومات وظهر نظام الارشفة.
هناك تغييرات تلمسها فعليا منها ما تستفيد منها الدول ومنها ما يستفيد منها الاشخاص، فاكتشاف الاقمار الصناعية ساعدت دول وحكومات واخرجت لنا معلومات جديدة لم نكن نعرفها، تطور الهاتف العادي الى هاتف ذكي غير الكثير من حياة الشعوب والافراد، وخرجت معها نظام التعاملات الالكترونية، والعملة الرقميةن والمكتب الافتراض، والعمل عن بعد.
بالتاكيد أي حادث يشهده العالم يفرض نمط جديد في التعامل، لنأخذ حدثا قريبا ساهم في فرض رؤية جديدة وتعامل مع الاشخاص، حادثة 11 سبتمبر في 2001 بعد الحادثة تغيرت طريقة ادارة الازمة، لدى العالم الان طريقة في منح التاشيرات ومعرفة الزائر القادم وتفاصيل عنه وعن توجهاته، بالطبع سيتغير نظام او طريقة ادارة الحشود بما يضمن عدم التكرار او اليقظة لاي حادث. فمثلا حينما اقرت السعودية منع المعتمرين والطواف ودخول البيت الحرام والمسجد النبوي، هل سيعود الحال كما كان قبل مارس 2020؟
بالتأكيد سيشهد نقلة وتطور كبير في دخول وخروج ضيوف الرحمن، وفرض أسلوب اكثر امنا وحفاظا على سلامة الحجاج، وكذلك وسائل نقل الحجاج والمعتمرين من حافلات، المقاعد ستكون اكثر امانا وصحيا، تجربة كورونا كسرت لدى الشعوب خاصة في تبادل التحايا فيما بينهم، فالشعوب العربية كانت لديها طريقة مثل تقبيل الانف والاحتضان وبوس الخدود، وفي حال لم يلتزم احد كانت تعد من الموروثات والمقدسات لايمكن ان يكتمل اللقاء دون ان تحضن او تبوس، فالمشهد فرض علينا ثقافة جديدة، مثل السلام نظر وعدم المصافحة، فهل مثلا اذا انتهت ازمة كورونا، اذا لم تصافح احد او تسلم عليه من بعيد هل سيلومك، او يعتبرك شخص مغرور، ستفرض علينا الازمة الصحية العالمية كثير من المتغيرات ربما تكون جديدة في بعض المجتمعات انما ستضيف شيئا جديدا وستفتح آفاق جديدة لبعض الدول والحكومات في تغيير نمط حياتها.
لا اتفق مع الدكتور القدير جاسر الحربش حينما قال انه لن يتغير شيء وراهن على ذلك، واعطى مثالا للطاعون الاسود والابيض والوباء الاسباني والحربين الاولى والثانية والسلاح النووي، واخيرا يقول الدكتور جاسر ان الابوين”يقصد ادم وحواء” طردا من الجنة ولم يتغير الاولاد.
لست بصدد ان ارد على كلام الدكتور وهو طبيب وكاتب واستشاري، انما كل الحالات لها ظروفها ومحيطها، اقول من الاخير خروج ادم وحواء هي كانت بداية التغيير في حياة البشرية، ومقتل قابيل وقصة دفنه كانت مرحلة تغيير في حياة الناس في طريقة دفن موتاهم، في تلك العصور كانت الحادثة تغيير كبير في حياة الناس.
اما قنبلة هيروشيما كانت قصة نجاح لشعب تعرض لظلم القوى العظمة، وخرج منها بنجاح وانبهار، قصة ملهمة لكل الشعوب المضطهدة.
المجتمع العربي والاسلامي كان منبهرا بثقافة الغرب وربما لا يزال، لاحظنا كيف ان هذه الشعوب وحكوماتها كانت تتعامل بكبرياء وغطرسة مع الحدث، ولم تعطها أي اهمية معتقدة ان شعوبها لديها مناعة من الفايروسات، هذه الشعوب اكتشفت الخطر حينما بدا اعداد المصابين يتزايد بشكل مخيف وخلال اوقات قليلة، ورغم التحذيرات والتنبيهات لم تتمكن حكوماتها من فرض سيطرة، بحجة انها شعوب متحررة ولا يمكن ان تمنعها من التجمع والسهر وحضور المناسبات، ولا يمكن ان تعطل حريتهم، فماذا جنت هذه الشعوب من الحرية التي كانت تطالبها، طالما ان حكوماتها غير قادرة على فرض حماية المجتمع.
هذا الموضوع يحتاج الى توسع وتفاصيل ورأي اصحاب العلم والخبرة ليفصلوا لنا مجالات التغيير التي سيتركها لنا فايروس كورونا. احيانا تحتاج الى عقود وربما قرون لتغير او تفرض قناعة، ويسخر لك الله احيانا طريقا لن ياخذ منك سوى لحظات لأن تعبره بنجاح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال