السعودية ومجموعة العشرين

قبل أن أدخل في تفاصيل المقال، أود الايضاح أنني لن اتحدث فيه عن جائحة كورونا، فمهما طالت أو أثرت ستكون بإذن الله مؤقتة وسنتجاوز مع العالم تداعياتها وآثارها نحو آفاق أرحب إن شاء الله.

ترأس خادم الحرمين الشريفين قبل أيام قمة افتراضية لقادة مجموعة العشرين  بهدف مناقشة آثار جائحة فيروس كورونا وكيف يمكن تجاوزه والتخفيف من آثاره على الاقتصاد العالمي. وهنا في هذا المقال سأناقش السؤال الأهم: 
هل تم اختيار المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين بالصدفة ام مجاملة او لأسباب موضوعية حقيقية؟
الإجابة تستحق التحليل الاقتصادي التاريخي لنمو وتطور اقتصاد المملكة خلال السنوات الخمس الماضية ليصبح اقتصاد عملاق وبذلك ينضم لنادي العشرين. تجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الـ 16 في الناتج المحلي الإجمالي بين دول العشرين وهو الحدث الاقتصادي التاريخي الأهم للمملكة. 

ان تطورنا وتحولنا الوطني الاقتصادي السعودي منذ عام 1970 مر على مرحلتين من التنمية.
1.  المرحلة الأولى:  1970- 2014م
2.  المرحلة الثانية :  2015- 2020 م
خلال هذه المرحلة: واجهت المملكة العربية السعودية تحديات خطيرة للغاية واستثمرت مبالغ ضخمة تصل إلى 6 تريليونات دولار أمريكي على مدار الأربعين عامًا الماضية بمتوسط ​​قدره 150 مليار دولار أمريكي سنويًا في العديد من أشكال رأس المال في المجالات التالية مثل:
1.  البنية التحتية 
2.  صناعة التصنيع
3.  الصناديق السيادية
4. الطرق
5. الإسكان
6.  الكهرباء
7.  المياه
8. الصحة
9. بناء صناعة البتروكيماويات
10 المدن الصناعية والاقتصادية في جميع مناطق المملكة، وأهمها الجبيل وينبع.

لقد تحققت نتائج تطوير كبيرة في المرحلة الأولى.
في الواقع يعد تطوير منطقة كبيرة مثل المملكة العربية السعودية والتي تمتد على أكثر من مليوني كيلومتر مربع ، والتي تربط بين 70 ألف كم من الطرق التي شيدت خلال هذه الفترة ، مع بعض التضاريس القاسية، إنجازًا هائلاً بكل المقاييس.
ومع ذلك، جاء هذا التوسع الهائل مع بعض النتائج السلبية التي بدأت تظهر في المجتمع: تشمل:
1.  الفساد 
2. عدم كفاية دور القطاع الخاص في نمو الاقتصاد غير النفطي
3.  عدم توفر وظائف لائقة كافية للسعوديين
4.  عدم كفاءة الاستخدام الأمثل للموارد.
5.  نقص الجودة في العديد من المجالات مثل التعليم.

في المرحلة الثانية من التطوير:
من بداية عام 2015 منذ تولي الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان (MBS) منصبيهما حتى الآن، يتم تنفيذ تغييرات هائلة من خلال برنامج فريد من نوعه “الرؤية السعودية 2030” وبرامج تحقيقه الـ   13.

يتم التركيز على التوسع النوعي، والانتقال من “التخطيط المركزي” إلى “التخطيط التشاركي” والتعامل بشكل متماسك مع كل السلبيات لإطلاق العنان للطاقات الاقتصادية والاجتماعية السعودية.

مع إطلاق الرؤية السعودية 2030 وبرامج تحقيقها الـ 13، واجهت الأمة لحظة حاسمة. يتمثل في التحول الأساسي الذي أحدثته الرؤية في تقديم فلسفة جديدة للإدارة تتمثل في الانتقال إلى نموذج (1 – برنامج – 2 – أداء – 3 – حوكمة).
لذا ، أود أن أسلط الضوء على البرامج الـ 13 من Vision-2030 التي تم التخطيط لها المتفق عليها وهي:
1- برنامج جودة الحياة – السياحة – الترفيه – وغيرها (التأشيرات السياحية)
 2-برنامج تطوير القطاع المالي
 3- برنامج الإسكان
 4- برنامج الرصيد المالي 
وذهبت السعودية بعيداً في مشروعات الإصلاح الاقتصادي بتغييرات جذرية وقفزات ملموسة تستهدف الابتعاد عن النفط مورداً وحيداً لإيرادات الدولة، إذ فرضت جملة من التشريعات الهيكلية المباشرة لرفع عائدات الدولة، وذلك عبر مسارات عدة، بينها فرض رسوم العمالة المستهدفة، في إطار تصحيح سوق العمل ودعم التوطين، بالإضافة إلى فرض حزمة من الضرائب لرأس المال (الدخل)، والضريبة المضافة والضريبة الاستهلاكية على بعض السلع والمنتجات الانتقائية، ساهمت في رفع الإيرادات غير النفطية السعودية إلى 313 مليار ريال (83.4 مليار دولار)؛ حيث سجلت عائدات الضرائب 166 مليار ريال (44.2 مليار دولار) لعام 2019.
 5- برنامج التحول الوطني
 6- برنامج صندوق الاستثمارات العامة
7- برنامج الخصخصة 
وتعمل السعودية حالياً على تنمية القطاع الخاص والدفع به لمهام جوهرية في الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي غير النفطي؛ حيث ستكون المرحلة المقبلة فرصة مواتية للقطاع الخاص للمشاركة الواسعة في الاقتصاد ضمن «رؤية المملكة 2030» لهذا الدور وتخصيص برامج متكاملة معنية بنقل بعض الأنشطة والقطاعات إلى دور فاعل في تحقيق مستهدفات المملكة الاقتصادية، بينها برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية «ندلب».

الاكتتاب غير المتوقع لشركة أرامكو السعودية:
في خطابه السنوي لمجلس الشورى في نوفمبر  2019، قال الملك سلمان، إن الاكتتاب العام لشركة أرامكو السعودية يسمح للمستثمرين بالاشتراك في هذه الشركة العالمية الرائدة، يحقق قفزة نوعية في تعزيز حجم سوق الأسهم السعودية (تداول) إلى مرتبة الأسواق الدولية، ويؤدي إلى تفعيل الشفافية وحوكمة الشركات بما يتماشى مع المعايير الدولية.

أ) عرضت أرامكو ثلاثة مليارات سهم ، أي 1.5% من أسهم أرامكو السعودية، جمعت 25.6 مليار دولار أمريكي (أي ما يعادل 96 مليار ريال سعودي) في ديسمبر  2019، وهو ما يتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 25 مليار دولار أمريكي الذي جمعته شركة علي بابا الصينية المتخصصة في التجارة الإلكترونية في عام 2014.

ب) بلغت عائدات الطرح 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار) “بما في ذلك 32 مليار ريال من الأفراد و 64 مليار ريال من المؤسسات مما يجعلها الأكبر
ج) المساهمة في تحقيق أهم أهداف الرؤية السعودية 2030 ، وهي تنويع مصادر دخلها بعيدا عن النفط.

د) بعد إدراج أرامكو ، بلغت القيمة السوقية لتداول أكثر من 1.5 تريليون دولار أمريكي، مما يجعلها من بين أفضل 10 أسواق للأوراق المالية في العالم.
8- برنامج النهوض بالشركات الوطنية
9- البرنامج الوطني للتنمية الصناعية واللوجستيات
10- برنامج الشراكة الاستراتيجية
11- برنامج الحج والعمرة
12-  برنامج إثراء الشخصية الوطنية
 13- برنامج تنمية رأس المال البشري
في هذه المرحلة يُطلب من جميع المسؤولين خطط التنفيذ المعتمدة بـ VRP واتباع معايير صارمة للمساءلة والشفافية يحددها إطار حوكمة الرؤية تحت قيادة P.M.B.S.
أود أن أشاطركم بإيجاز “ما تم فعله”
منذ عام 2014 وحتى اليوم 2020 تعقد اجتماعات بشكل دوري من 4 إلى 5 مرات في السنة تحت قيادة سمو الأمير محمد بن سلمان، لعرض نتائج الأداء، حيث يقدم كل وزير إنجازه.

لقد تحققت نتائج مذهلة وخاصة المتعلقة .
ببعض القطاعات الجديدة التي لم تحظ باهتمامنا قبل برنامج الرؤية 2030 ، وخاصة: –
 تمكين المرأة ، 2- السياحة ، 3- الشباب ، 4- الفساد ، 4- أرامكو السعودية.  6- تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.

 تمكين المرأة:
تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن النساء السعوديات المشاركات في سوق العمل ارتفعن من 17% في عام 2017 ، إلى 25% في عام 2019، وبذلك حققنا هدف عام 2020 في عام 2019م
زادت مشاركة المرأة في التوظيف بنسبة 40.30% في القطاع الحكومي خلال الفترة 2014-2019
وبلغت نسبة مشاركة المرأة في السوق السعودية الإجمالية 25.30% خلال عام 2019
في الواقع، عزز جاذبية التحول الرقمي للشابات السعوديات المزيد من مشاركة الإناث في القوى العاملة من خلال تزويدهن بطريقة بسيطة وسهلة المنال لتقديم الطلب عبر الإنترنت مقارنةً بالعمل الورقي التقليدي السابق في المكتب الحكومي الذي جعلهن يتخلين عن التسجيل في القوى العاملة وتبحث عن عمل.

التمكين السياسي: لأنه انعكس على مشاركة المرأة في المؤسسات الحكومية وفي الشركات التجارية الرائدة مثل: البنوك ، سابك ، أرامكو والجامعات النسائية ، وأخيراً مشاركتهم كبرلمانيات في مجلس الشورى.

2.  تخطيط القوى العاملة وتطوير التعليم:
يعد تخطيط القوى العاملة وتطوير التعليم أحد أهم أولويات الحكومة ضمن أهدافها الوطنية الاستراتيجية مع مراعاة ما يلي:
1- التكنولوجيات الجديدة (أي تكنولوجيا المعلومات والروبوتات)
2- جامعات متقدمة للغاية في جميع أنحاء البلاد
3- جامعات طبية 
4- معاهد التدريب الصناعي المهني
من أجل تلبية الحاجة إلى أفضل تطابق بين مناهج التعليم العالي ومجموعات المهارات التي يتطلبها سوق العمل الجديد. لذلك ، تولي الحكومة اهتماما خاصا لبرنامج تنمية القدرات البشرية. – أحد برامج تحقيق الرؤية السعودية 2030.

السياحة:
في سبتمبر 2019 ووفق خطتها لمرحلة ما بعد النفط، أعلنت السعودية وللمرة الأولى في تاريخها إصدار تاشيرات سياحية لمواطني 49 دولة، لتفتح بذلك أبوابها امام السياح الأجانب بهدف تنويع إقتصادها وفقاً لروية المملكة 2030. 

تحرص المملكة على النهوض بقطاع السياحة، هناك توسع هائل في النشاط السياحي والاستثمار ، بما في ذلك مشروع نيوم بقيمة 500 مليار دولار ، ومشاريع “القدية ” العملاقة و”البحر الأحمر” ، إلخ.. وإن برنامج الرياض السياحي الأخير يعتبر  واحد من 11 مواسم سعودية تهدف إلى الترويج للمملكة العربية السعودية كمحور للسياحة ، وكذلك تحسين نوعية الحياة لشعب المملكة. لقد بدأت في 11 أكتوبر 2019. وقد حققت “نجاحًا استثنائيًا.”:
وقال رئيس هيئة الترفيه  أنه «بلغ عدد زوار (موسم الرياض) 10 ملايين و300 ألف زائر، و206 آلاف سائح»، مشيراً إلى أن «الدخل المبدئي المباشر للموسم الذي حققته هيئة الترفيه تجاوز المليار ريال»، فيما تخطى «الدخل غير المباشر والتغير في التدفقات النقدية لـ(مدى) في الرياض خلال الفترة الزمنية للموسم الأربعة مليارات ريال»، مبيناً أن أكثر البطاقات البنكية التي سُجّلت منها سحوبات في «موسم الرياض» هي «السعودية، فالأميركية، ثم الإماراتية، وتلتها الكويتية، والبريطانية، وبعدها البحرينية».

ونوّه رئيس هيئة الترفيه بأن «إجمالي الوظائف المباشرة بلغ 34 ألفاً و700 وظيفة مباشرة، بينما قُدّرت الوظائف غير المباشرة بـ17 ألفاً وثلاثمائة وظيفة».

وفي إشارة إلى التوسع في السياحة في المملكة العربية السعودية ، ذكر  في  مجلة فوربس في عدد نوفمبر 2019 ” انه في عام 2019 تغير كل شيء.. تم تقديم تأشيرات السياحة الإلكترونية واصبحت إحدى أهم الوجهات التي يجب زيارتها هي المملكة العربية السعودية”.

4.  جودة الحكم: ( حكومة جيدّة وحكومة سيئة) واثر ذلك على التنمية
*حكومة سيئة.. تؤدي لثورات  وقلاقل ( الربيع العربي كمثال) 
*حكومة جيّدة.. يقودها قادة يؤمنون بمحاربة الفساد ويعتمدون برامج تنموية كبرامج الرؤية كما في حال حكومتنا بقيادة الملك سلمان وولي عهده سو الأمير محمد بن سلمان.

2.  الإيرادات غير النفطية:
ان اسهامات القطاع النفطي في الناتج المحلي تراجعت الى حوالي 42% والقطاع الغير نفطي قد تجاوز 58% والأرقام التالية توضح ذلك: 
أ. المملكة العربية السعودية ولدت. 376 مليار (ما يعادل 100 مليار دولار أمريكي) كإيراد من خلال القطاع غير النفطي خلال عام 2019
ب. 103 مليارات ريال سعودى (ما يعادل 27.5 مليون دولار) تمثل الإيرادات الحكومية
ج. 273 مليار ريال سعودى (ما يعادل 73 مليون دولار) من إيرادات القطاع الخاص.

3. الاستثمار الأجنبي: تم ضخ 877 مليار (ما يعادل 234 مليون دولار) الاستثمار الأجنبي خلال عام 2019

4.  الفساد:
بيان صادر عن الديوان الملكي – استرداد أموال الخزانة العامة: اللجنة العليا للجمهور المعنية بقضايا الفساد تنهي عملها وتستر 400 مليار ريال (أي ما يعادل 107 مليار دولار) لخزانة الدولة:

*صناعة التعدين في رأس الخير:
جذبت أكبر مدينة صناعية للبتروكيماويات في العالم الاستثمار من القطاعين العام والخاص بقيمة ريال 100 مليار في القطاعات الخمسة الرئيسية باستثناء صناعات الزجاج والبولي سيليكون.
1- صناعة الفوسفات
2- صناعة الألومنيوم
3- صناعة النحاس
4- صناعة الزنك
5- صناعة الحديد
إذا فإن  المملكة في هذه المرحلة الجديدة تعمل على توسيع دخل النمو غير النفطي. ونظراً لأن التنافسية أمر بالغ الأهمية. في السوق العالمية بدأت المملكة على تشجيع  على سبيل المثال ، سهولة الوصول إلى السوق ، وفتح التأشيرات ،والقروض الصناعية ، وبناء المناطق الصناعية وغيرها.

في عام 2019، تم تصنيف المملكة العربية السعودية من قبل البنك الدولي كأول دولة في العالم للمضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات لرفع قدرتها التنافسية العالمية.

عام 2020 هو عام خاص، حيث شهد في يناير الماضي الذكرى السنوية الخامسة للملك سلمان في منصبه ورئاسة قمة مجموعة العشرين, وهو الحدث الاقتصادي التاريخي الأهم للمملكة. .. 
شكرًا جزيلاً على اهتمامكم