3666 144 055
[email protected]
برصد ما يعتري سوق النفط العالمية من تقلبات ذات حواف حادة في ظل جائحة فيروس كورونا، وبالنظر إلى ضرورة ايجاد استراتيجية للتعامل مع الرأي العام الغربي ومخاطبته بلغة يستوعبها رجل الشارع قبل المتخصص وتوضع أمامه الاجابات الحقيقية لمواقف المملكة العربية السعودية وتتصدى لحملات الهجوم والتشكيك والاتهام لمواقف قيادتنا وقراراتها.
هذه الاستراتيجية المفقودة هي أهم مهام الإعلام النفطي السعودي الذي تظهر الحاجة اليه في المواقف العالمية الفارقة والتي نعيش احداها هذه الايام. فلقد اثبتت التجارب افتقادنا لمنبر إعلامي نفطي سعودي محترف لا يمكن استبداله ببعض الجهود الاعلامية الفردية والتي نقدرها بكل تأكيد. الا ان الضرورة الحالية قد اكدت على حاجتنا الى وجود كيان إعلامي نفطي قادر على مخاطبة الاصوات الاعلامية الكبيرة والمؤثرة، وإظهار صورة الصناعة بالشكل اللائق. ومالكا لأدواته القادرة على إظهار مصداقية سياساتنا النفطية الوطنية ومواجهة ما تقدمه بعض وسائل الإعلام المشبوهة والموجهة ليس فقط ضد المملكة وانما ضد الصناعة النفطية في المجمل والدول المنتجة له. خاصة أن اعلام منظمة “أوبك” ضعيف. الامر الذي يؤثر على تطور الصناعة بشكل عام.
ولا يخفى ارتباط النفط بالإعلام وهو ارتباط ذا اتجاهين. فكما ان النفط كسياسة وصناعة استراتيجية يحتاج اعلام يشرح ويفند تطوره، فقدرة صناعة النفط على الدفع بالإعلام النفطي الوطني نحو العالمية وصناعة اسماء اعلامية وطنية والدفع بها نحو العالمية هو من الأمور التي تطلعنا لها كثيرا منذ عقود.
حتى محليا، فبالرغم من أن المملكة فيها أحد أكبر مخزونات النفط وتعتبر من أكبر منتجيه في العالم إلا أن المجتمع السعودي يكاد لا يعرف شيء عن ثروة بلاده (سوى بعض المعلومات السطحية)، ولا عن إنتاجه، ولا حتى عن مكانته ودوره في استقرار أسواق النفط والاقتصاد العالمي. مترنحا – هذا المجتمع الكريم – ما بين رياح إعلام أجنبي شرس ونسائم اعلام محلي سطحي وغير متخصص. فضلا عن أن الموضوع أصلا ليس من ضمن أولوياته مثل برامج كرة القدم والحوارات الاجتماعية (Talk Show).
فعلى سبيل المثال، الغالبية لا تعرف أن النفط سلعة لا تمايز له. وهذا يعني أن المشتري يمكن أن يستبدل مصدر شراءه بمصدر آخر. فيكون سلوك المنتج قائم على هذه الحقيقة للحفاظ على حصته السوقية. أو الفرق بين النفط التقليدي – الذي يكون انتاج حقول برية أو بحرية – والنفط الغير تقليدي سواء الرملي او الصخري او ما يطلق عليه نفط البحار العميقة. بل لا يعرفون الفرق بين النفط الرملي المستخرج من حقول طويلة العمر والذي يحتاج لطاقة كهربائية عالية لتكريره، والنفط الصخري المستخرج من حقول قصيرة العمر ولا يستهلك تكريره طاقة عالية. وماذا تعني الالتزامات المالية والاستثمارية الباهظة في منابع النفط الغير تقليدي مقارنة مع التقليدي. مما يجعل المواطن يتفهم لما يحصل ويقدر دور بلاده في أنها تحافظ على مصالح الجميع.
أما للمختصين ورجال الأعمال أو حتى طلاب الاقتصاد والمالية – بالمملكة أو خارجها – فوجود إعلام نفطي سعودي متخصص يعني تقديم مادة غنية لهم سواء كنشر ثقافة، أو متابعة أخبار وأحداث، أو مناقشة قضايا وتوضيح مواقف وحقائق. على سبيل المثال أخبار ما يختص بأسواق النفط ومضاربات عقودها الآجلة، ودالة منحنياتها ما بين صعود وهبوط ومدى انعكاس ما يحصل على الأسعار. وهي مسألة هامة للتحوط لرجال الأعمال والمستثمرين والبنوك وحتى للشركات المستهلكة فقط.
وعلى المستوى الدولي، فإن تواجد اعلام نفطي سعودي سيكون مهم للوقوف في وجه الاعلام الأجنبي. فمنذ أن نجحت الآلة الإعلامية الأمريكية في المساهمة الشرسة للوصول الى حكم قضائي – عام 1911 – ضد شركة ستاندرد اويل (Standard Oil Company and Trust) – التي تأسست في عام 1863 – بتهمة الاحتكار ومن ثم تفكيكها الى 33 شركة صغرى، أخذ الإعلام في الغرب ممارسة شراسته وإظهار صورة سلبية عن النفط وصناعاته وعلى مدى عقود طويلة. ولتساهم هذه الشراسة لإيجاد رأي عام ضد أي مُنتج. وهذا ما يفسر التحامل على المملكة وشركتها أرامكو السعودية.
فنرى الاعلام الغربي يتهمنا تارة بالمؤامرة على المنتجين الصغار. وتارة نُتّهم بأننا نحاول التحكم في اسواق النفط العالمية والتلاعب في الضخ والأسعار. خاصة خلال الأزمات كما حاصل هذه الأيام. ولا ننسى أن أرامكو السعودية تخطط لإدراج أسهمها في الأسواق العالمية في مرحلة مستقبلية. وهذا يحتاج الى دعم اعلامي مهني. ولا ندع مصير هذا الادراج في ايدي الاعلام الأجنبي.
لذلك، وفي ظل إعادة ترتيب جذرية لملف الاعلام السعودي بكل وسائله المرئية والمقروءة والمسموعة – وقد كلف معالي د. ماجد القصبي لهذه المهمة – أمامنا اليوم أن نمسك بزمام المبادرة لصناعة وتقديم المعلومة النفطية الصحيحة بأنفسنا للداخل والخارج. وهذا يستدعي وجود خطة استراتيجية طموحة ومطعمة بإعلاميين متخصصين في مجال النفط وصناعاته. والمملكة تذخر بالكفاءات والخبرات التي تحتاجها لصناعة اعلام نفطي سعودي.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734