الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تحدثنا عن المدير في زمن كورونا، والآن نتحدث عن مجلس الادارة في زمن كورونا، وفي شركات كثيرة سيرتبط نجاح المدير بنجاح مجلس الادارة، والفشل سيكون حبلاً وثيقاً يربط بين الطرفين. كثيرون يحلمون بمقاعد في مجالس الإدارة بل ويقاتلون على ذلك..! أعتقد أنهم الآن أقل حماسا بأن يكونوا في مكان أعضاء مجلس الادارة، على الأقل في الوقت الحالي، وقت عصيب ومسؤولية جسيمة تواجه أعضاء مجالس الادارة الآن.
إن مجلس إدارة الشركة هو القلب النابض لها؛ وهو الذي يحدد نجاحها أو فشلها وهو الربان المسؤول عن قيادة السفينة في وقت الأزمة، والأزمة تشكل إختبار حقيقي لمجلس الادارة وستظل نتيجة الاختبار مرصودة أمام العيون سنوات طويلة، شركات ستنجو من الأزمة بفضل الله أولاً ثم مجلس الادارة ثانية، وشركات ستتحول إلى ذكريات بسبب مجلس إدارتها، وواقع الشركة في وقت أزمة كورونا سيشير إلى ما بنته أو هدمته الأيادي الكريمة لمجلس الادارة.
العلاقة بين مجلس الادارة والادارة التنفيذية للشركة ستكشفها أزمة كورونا، لو كانت العلاقة في الأساس يسودها التفاهم والانسجام والتواصل الفعال فمن المتوقع أن تسير السفينة بهدوء شديد في مواجهة عواصف عاتية، والهدوء سيكون هو سر الوصول إلى بر الأمان. أما إذا كانت العلاقة متوترة في الأساس أو تفتقد الانسجام الكافي فمن المتوقع أن تتشد حدتها وينزع فتيلها في وقت عاصف ومعطيات لا ترحم.
الخبراء بتطوير كفاءة مجالس الإدارة يشيرون إلى مهارات متعددة يجب أن يمتلكها كل عضو مجلس إدارة، هل يمكن الآن أن نضيف لها مهارة جديدة تتعلق بإدارة الأزمات؟ يقولون أن عضو مجلس الادارة يجب أن يمتلك المهارات المتعلقة بالأمور المالية فيجيد التعامل مع القوائم المالية، يفهم ما ظهر منها ومابطن ويجيد ربطها بواقع الشركة، ويجب أن يمتلك قدرات التفكير والتحليل الاستراتيجي حيث يمتلك النظرة الثاقبة بعيدة المدى وتتسع نظرته ليرى ما تحت قدميه وأمام عينيه، ويجب أن يمتك الذكاء الاجتماعي فيتقن فنون التواصل والتفاعل والتعامل مع الآخرين، ويجب أن يمتلك الذكاء العاطفي فيمتلك القدرة على إدارة عواطفه ومشاعره والقدرة أيضاً على التعامل مع مشاعر وعواطف الآخرين.
الذكاء في التعامل مع الأزمة يجب أن يكون حاضراً في عقول مجالس الادارة وفي إجتماعاتها وقراراتها، الأمر لا يتعلق بالقوة بقدر ما يتعلق بالذكاء، وأتصور أن شركات صغيرة لكن لا ينقص إدارتها الذكاء ستكون أكثر قدرة في إدارة الأزمة من شركات كبيرة ينقص مجلس إدارتها الذكاء.
الذكاء سيتضح في معرفة مواطن التأثير، أو رصد النقاط الحرجة في أداء الشركة، النقاط التي يجب أن تنال الاهتمام والتركيز، من الممكن أن تتنازل الشركة عن أشياء كثيرة ولا تتأثر بفقدانها، ويمكن أن تسيء التصرف أو التعامل مع متغير واحد فيكون فيه نهايتها. الذكاء في إعادة ترتيب الأولويات، سيكون هو بداية لاكتشاف أن كثيرا من الأنشطة والسياسات وربما الأشخاص كانت عبء على الشركة أكثر مما كانت سنداً لها.
التوزان بين الجانب المادي والانساني أيضاً سيضع تحدياً أمام مجلس الادارة، هناك مجالس إدارة تسيطر عليها المادية المفرطة، من السهل توقع قرارات هذه المجالس، لن تتواني في التخلص من عمالة تراها زائدة عن الحاجة أو ستفرض عليهم الإدارة التنفيذية طريقة في التفاوض تنتهي بتخفيض الرواتب. مجالس الادارة التي تتحمل مسؤوليتها الإنسانية، ستكون أكثر رحمة مع منسوبي شركاتهم، ستصل معهم إلى أقصى نقطة في دعمهم ومشاركتهم، وخيار التسريح دائماً سيكون خيارها الأخير، وفي كل الأحوال لن تبخس الناس حقوقهم.
أخيراً، هناك مجالس إدارة ستقف مع وطنها وستبذل الغالي والنفيس في دعم مجتمعها، وهناك مجالس إدارة ستقدم الدعم مرغمة، ومجالس أخرى سترفع شعار “أنا ومن بعدي الطوفان”. وفي الأزمات كل إناء ينضح بما فيه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال